فمعنى ذلك أن الصوم حماية للنفس، من الأخلاق المؤذية الضارة التي قد تفسد النفس وتوقعها فيما يضرها.

كما أن فيه أيضاً تمرين النفس على الصبر والتحمل والمجاهدة، وأنت تحس بذلك إذا ما فاجأك أمر يحتاج منك إلى شيء من ذلك.

* فالإنسان الذي تعوَّد على الجوع، وصبر عليه مدة طويلة وصبر على الظمأ، إذا جاءه أمر مفاجئ، بأن وقع مثلاً في جوع شديد أو إذا ظمئ ولا يوجد ماء وهو في سفر، أو انقطع عنه الشراب كما يكون في الأسفار أحياناً، فإذا كان قد مرّن نفسه على هذا العمل، لم يحس بذلك ولم يتأثر به، بخلاف من عوّد نفسه على تناول الشهوات في كل الأوقات، فإنه إذا افتقدها في وقت من الأوقات حصل عليه تأثر كبير، وأصيب بالأمراض وربما أتى إليه الهلاك بسرعة؛ وذلك لأنه لم يتعود هذا الأمر ولم يمرن نفسه عليه.

* كما أن للصيام أيضاً فائدة أخرى وهي: أن الصائم إذا أحس بالجوع تذكر أهل الجوع الدائم؛ تذكر الفقراء، والمساكين، والمستضعفين، الذين يمسهم الجوع في أغلب الأوقات في أكثر البلاد الإسلامية تذكر أن له إخوة يجمعهم وإياه دين واحد، دين الإسلام، يدينون بما يدين به ويعتقدون ما يعتقده، وأنهم في جهد وفي جوع، وفي ضنك من المعيشة، فيحملك هذا الذي أحسست به من هذا النوع على أن ترحمهم وتعطف عليهم وتواسيهم وتعطيهم مما آتاك الله، وتمدهم بما يخفف عنهم آلامهم التي يقاسونها. فإذا قاسيت هذه الآلام في وقت من الأوقات تذكرت من يقاسيها في جميع الأوقات.

فهذه من الحكم العظيمة في الصيام أن يتذكر الغني الفقراء، وأن يرحمهم ويعطف عليهم بما أعطاه الله تعالى.

الخاطرة السادسة:

القرآن في رمضان

معلوم أن رمضان شهر له خصوصية بالقرآن. قال الله تعالى: ((شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)) (البقرة:185) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015