فالله تعالى ما كلفك أن تترك الطعام والشراب إلا لتستفيد من هذا الترك، فتترك الرفث، وتترك الفسوق، وتترك قول الزور، وتترك المعاصي المتعلقة بالنساء وبالجوارح، فإن لم تفعل ذلك ولم تستفد من صيامك فالله تعالى يرده عليك ولا يجزيك على عملك.
3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر" (أخرجه ابن ماجة برقم 1690، وأحمد في المسند 2/373، 441) .
4- وعن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن امرأتين صامتا فكادتا أن تموتا من العطش، فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم، فأعرض عنهما، ثم ذُكرتا له، فأعرض عنهما، ثم دعاهما فأمرهما أن يتقيئا فتقيّئتا ملء قدح من قيح ودم ولحم عبيط فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن هاتين صامتا عما أحل الله. وأفطرتا على ما حرم الله عز وجل عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس" (أخرجه أحمد في المسند 5/431) .
فانظر إلى قوله: "صامتا عما أحل الله، وأفطرتا على ما حرم الله". فجعل هذا فطراً، كون الإنسان يأكل أعراض الناس، وكونه يتكلم في فلان وفلان بغير حق، فهذا لم يستفد من صومه، صام عن الحلال، وأفطر على الحرام -والعياذ بالله- فلم ينتفع بصومه.
ولا شك أن الصوم الذي هذه آثاره لا ينتفع به صاحبه ولا يفيده؛ فإن الصوم الصحيح يجادل عن صاحبه ويشهد له يوم القيامة ويشفع له عند الله (حديث: أن الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة.. سبق تخريجه) .، فإن لم يحفظه لم يستفد منه ولم يؤجر عليه.
يقول بعضهم:
إذا لم يكن في السمع مني تصاون وفي بصري عضٌّ في منطقي صمتُ
فحظي إذاً من صومي الجوع والظمأ وإن قلتُ: إني صمتُ يومي فما صمتُ