الوعيد الشديد لمن يتحاكم إلى غير شرع الله

ƒـ[توفي جدي لأبي في فلسطين وله أراض زراعية هناك ولديه من الذكور أربع ومن الأناث سبعة، وعند تقسيم الإرث رفض الإناث (بناته) القسمة الشرعية الإسلامية وطالبوا بالقسمة حسب المتبع في القانون المدني لدى إسرائيل والتي هي للأنثى مثل حظ الذكر ... ما رأي الشرع في ذلك، وأرجو إفادتنا بالقسمة الشرعية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ

^الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا يجب عليه أن يرضى بحكم الله ورسوله في جميع شؤونه، كما قال سبحانه وتعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36} ، وقال تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ {النور:51-52} .

وقد قسم الله تعالى في محكم كتابه التركة على الورثة فلم يكل قسمتها إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل، بل تولى قسمتها سبحانه وبينها في آيات من كتابه تتلى آناء الليل وأطراف النهار، فقال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا {النساء:11} ، وعقب ذلك بقوله سبحانه وتعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {النساء:13-14} .

ولهذا يجب عليكم أن تنصحوا أخواتكم باتباع شرع الله تعالى في أمورهن كلها ومن ذلك ما يتعلق بتقسيم التركة، فالمال زائل والحياة منتهية، ولا يجوز للمسلم أن يتعلق بقوانين أعداء الله تعالى الكفار لأجل عرض من الدنيا الزائلة، فالزيادة في نصيب الأبناء على البنات إنما شرعت لحكم عظيمة يعرفها كل متأمل عاقل، وقد حذر الله عز وجل من اتباع حكم الكفار والتحاكم إلى قوانينهم الجاهلية التي لا تمت للعدل بصلة، فقال جل وعلا: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ {المائدة:50} ، وقال تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65} ، نسأل الله تعالى الهداية والصلاح والتوفيق للجميع.

والله أعلم.

‰14 رمضان 1425

طور بواسطة نورين ميديا © 2015