خطورة الإفساد بين الزوجين

ƒـ[أود من فضيلتكم جزاكم الله عنا كل الخير أن توجهوني لأني وللأسف في طريقي إلى تخريب بيتي وطلاقي بيدي فأنا أصبحت منذ فترة أسمع لصوت نفسي التي توسوس لي ببدء المشاكل مع زوجي، فعندما أحاول التغلب عليها تأتيني من طريق آخر، فمثلا عندما أتغلب عليها بالتماس العذر لزوجي وأن أتركه يفعل ما يريد وأنه لايجب علي أن أسيء الظن فيه بعد قراءتي لموضوع عن سوء الظن، وخاصة أني أراه مواظبا على أن يصلي العشاء والفجر في المسجد، ومثلما هو نفسه حذرني من ذلك على الرغم من أني لم أتكلم ولم أرفع السلاح ضد زوجي إلا بعد أن لاحظت تلميحات من صاحبة الموضوع ومن سيدة أخرى برغم ذلك كله أخطئ نفسي وأخطئهم إلا أن نفسي أتتني هذه المرة- وهذا الشعور لا أعرف التغلب عليه- كيف وهذا الشعور للأسف هو أنه قد ينتقم من والدي رحمه الله بتذليلي وهدر كرامتي لأنه على علم تام بأني لا أستطيع أن أخالف له رأيا حتى وإن كان خاطئا لشدة احتياجي إليه وحبي له، وأقول لنفسي بأنه احتمال أنه يستعر مني ولكن كيف وأبي كان رحمه الله ذو مركز مرموق وأنا والحمد لله أحمل البكالوريوس وكنت أحاول دائما أن لا أشعره بأي نقص لديه بل العكس حتى الآن أعمل على ألا أتعالى عليه وإنما آخذ رأيه في كل شيء ولا أتصرف في أي شيء بدون علمه لأني أفرح جدا عندما آخذ رأيه وحتى إذا تعرضت لموقف محرج كنت لا أخشى أن أخبره به وقد جعلته صديقا لي ولم أتخذ من الرفيقات أو زوجات زملائه أي واحدة منهن صديقة أحكي لها كل شيء وإنما جعلته هو زوجي وصديقي فهل أخطات في ذلك وإن كنت أخطات بصراحة أحيانا ألوم نفسي وأقول لها أني أخطات كثيرا في ذلك قد تسألني طالما أني أشعر بإلاذلال والمهانة لم لا أطلب الانفصال منه؟ الاجابة أولا أني كنت سمعت في الشريط أن الزوجة لا تشم رائحة الجنة إن طلبت هي الطلاق من زوجها وكيف لي- ثانيا أني أتراجع عنها لأني أقول لنفسي قد تكون المشكلة في أنا وهي الغيرة على زوجي أو أني أخاف على مصلحة أولادي فبالافصال أخاف أن أخسر من ناحية الشرع وأيضا دنيا، ولذلك أريد منكم أن تدلوني على الصواب وما أفعله: إن كان فعلا مثلما ألاحظ من تلميحات الناس لي بخيانة زوجي ومشيه مع واحدة متزوجة فهل أقطع علاقتي بهذه السيدة وماذا إن قطعت أنا العلاقة فتكون نفس المشكلة وهي أن زوجي لن يعبأ بكلامي وسيتودد إليهم هي وزوجها بحكم الجيرة وسأكون أنا في نظرهم أنني أنا التي لا أسال عنهم، الصراحة هم جيدون جدا جدا ولكني مثلما قلت فهمت بتلميحات الناس وتصرف زوجي، ثانيا ماذا أفعل إن قمت بتكذيب كل ذلك واعتبرتها أنها شك وغيرة، أتمنى من الله أن يجعلكم لي العون في هدايتي وارشادي.

ثم كيف يكون قطع لسان من قامت بالتلميح بذلك؟]ـ

^الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تبين لنا من سؤالك أنك تعانين فعلا من غيرة شديدة، مصحوبة بوسواس قوي، جاء نتجية لهذه الغيرة المفرطة. وعليه فإننا ننصحك بترك هذه الوساوس والأوهام، فإنها تؤدي بك في نهاية الأمر إلى مفاسد ومخاطر جمة لا تحمد عقباها، وذلك لأن التمادي في هذا الوسواس قد يحدث الشقاق والخلاف بينك وبين زوجك، هذا زيادة على أنها عامل قوي للإصابة بالأمراض النفسية، وللسلامة من ذلك لاتصدقي ما يقول الناس عن زوجك، ولا تلتفتي إلى قولهم، بل أظهري لزوجك الحب والتودد، ثم إنه على افتراض أن زوجك على علاقة محرمة مع زوجة جاره فعلاج الأمر هو نصيحته وتخويفه بعذاب الله تعالى إذا لم يتب، ثم بلفت نظره إلى أن ذلك عمل مشين وقبيح يضر بسمعته وسمعة الأسرة جميعا، وليقس حاله بالغير، فإذا كان ذلك لا يرضاه لزوجته ولا لأبنائه ولا واحدة من قريباته فكذلك الناس لا يرضون ذلك، فإن أفاد هذا فيه فاحمدي ربك على ذلك، وإلا فواصلي النصح له، ونسأل الله أن يهديه.

وأما فيما يتعلق بتلك المرأة التي تزعمين أن لزوجك بها علاقة محرمة، فإن تحققت من ذلك فاعملي على إبعادها عنه بالطرق الشرعية كتهديدها وفضح أمرها أو بتبليغ زوجها فذلك الأولى، وإذا لم تقبل النصح أو لم يفد فيها ذلك فهجرها لهذا الغرض أمر مشروع إن كان يردعها عن ذلك.

والخلاصة أننا ننصح السائلة بالتأني والحكمة في هذا الموضوع الذي تعاني منه. ونقول لها، إن ما تتهم به زوجها لا يبرر لها ما هي فيه من القلق، ولا يسوغ لها طلب الطلاق ما دام أمرا غير ثابت، وإنما هو عن طريق التلميح والإشارة ونحو ذلك، وما يقوم به بعض الناس من الوشاوية بين الزوجين وإبلاغ أحدهما عن الأخر أمرا يكرهه منه هو من قبيل النميمة والإفساد بين الزوجين، وهذان أمران كل منهما محرم في حد ذاته، فكيف إذا اجتمعا.. لذلك فإننا ننصح مرة أخرى بالإعراض عمن جاء بوشاية من هذا القبيل، وعدم الاستماع أو التصديق لما يقول. كما يجب عليه هو أن يكف عن هذا، وأن يتوب إلى الله تعالى منه، وليعلم أن الإفساد بين الزوجين أمر خطير ويكفي في ذمه وقبحه زيادة على ما يترتب عليه من الإضرار بهما أو بأحدهما وبسائر أفراد أسرتهما ـ أنه من فعل السحرة والشياطين.

والله أعلم.

‰13 ربيع الثاني 1426

طور بواسطة نورين ميديا © 2015