الجزية وأقسام الكفار فيها.

ƒـ[هل تؤخذ الجزية من عموم الكفار أم هي على أهل الكتاب فقط من اليهود والنصارى؟]ـ

^الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فاعلم أن الكفار ينقسمون بالنسبة إلى الجزية إلى ثلاثة أقسام:

1- أهل كتاب وهم: اليهود والنصارى، فهؤلاء يقاتلون حتى يسلموا، أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ويقرون على دينهم إذا بذلوها.

2- قسم لهم شبهة كتاب وهم: المجوس، فحكمهم حكم أهل الكتاب في قبول الجزية منهم وإقرارهم بها، لقوله صلى الله عليه وسلم في المجوس: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" رواه مالك وابن أبي شيبة. ولا يعلم خلاف في هذين القسمين بين أهل العلم، إلا ما حكي عن الحسن البصري من أن الجزية لا تؤخذ من أهل الكتاب العرب.

وقسم ثالث وهم: من لا كتاب لهم ولا شبهة كتاب، وهم عبدة الأوثان وسائر الكفار، فلا يقبل منهم سوى الإسلام. وهذا هو مذهب الشافعية، وظاهر مذهب الحنابلة.

وذهب أبو حنيفة إلى أن الجزية تقبل من جميع الكفار إلا عبدة الأوثان من العرب، وروي ذلك عن مالك وأحمد.

وذهب مالك في الراجح عنه إلى أن الجزية تقبل من جميع الكفار، ومنهم المشركون وعبدة الأوثان مطلقاً: عرباً ـ ولو كانوا من قريش ـ فأحرى إذا كانوا غير عرب. وإلى هذا ذهب الأوزاعي، ونقل عن مالك أن الجزية تقبل من جميع الكفار إلا مشركي قريش.

والراجح أن الجزية تؤخذ من أهل الكتاب ومن المجوس فقط، لعموم الأدلة بقتال المشركين، وخُصّ أهل الكتاب بقوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) [التوبة: 29] والمجوس بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" فمن عداهم يبقى على مقتضى العموم. وروى البخاري أن عمر لم يقبل الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر. وهذا يدل على أن الصحابة توقفوا في أخذ الجزية من المجوس حتى عرفوا المخصص لهم من بين سائر الكفار، فيدل على أنهم لم يأخذوها من غيرهم. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" يدل على اختصاص أهل الكتاب ببذل الجزية، إذ لو كان عاماً في جميع الكفار لم يختص أهل الكتاب بإضافتها إليهم.

والله أعلم.

‰16 صفر 1420

طور بواسطة نورين ميديا © 2015