ƒـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشكركم على هذه الخدمات المتميزة لخدمة الإسلام وأهله ثم أما بعد أريد أن أستفسر عن عدة أمور تتعلق بالمرأة في هذا الزمان
1- هل دية المرأة نصف دية الرجل؟؟ ولماذا؟؟؟ ولماذا لا يتساوون؟؟ والآية واضحة في ذلك 2- هل المرأة خلقت من ضلع أعوج؟؟ هل في هذا إهانة للمرأة؟؟؟ 3- حديث" أنتن صواحب يوسف"هل فيه إنزال لمكانة المرأة كما يقول الذين يمنعون المرأة من أي ولاية خاصة أو عامة مستشهدين بهذا الحديث 4- "أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى" آية الدين هل إذا رأت المرأة مشاجرة لا تشهد عليها لأنها غير مكلفة؟؟؟؟ 5- حديث الشؤم في المرأة هل هو صحيح" إنما الشؤم في ثلاثة المرأة والمسكن والفرس" شاكرين لكم حسن تعاونكم]ـ
^الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1- فقد أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل.
وهو مروي عن عمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم. قال ابن المنذر وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أن دية المرأة نصف دية الرجل.
وهذا في دية النفس، أما دية الأطراف ففيها خلاف بين أهل العلم، هل هي على النصف من دية أطراف الرجل، أم مثله بشرط ألا تزيد على دية نفس الرجل؟
وقال ابن قدامة: (وحكى غيرهما عن ابن علية والأصم أنهما قالا: ديتها كدية الرجل لقوله عليه السلام: "في النفس المؤمنة مائة من الإبل". وهذا قول شاذ يخالف إجماع الصحابة وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن في كتاب عمرو بن حزم: "دية المرأة على النصف من دية الرجل." وهي أخص مما ذكروه وهما في كتاب واحد، فيكون ما ذكرنا مفسرًا لما ذكروه مخصصا له) . أهـ. والأصم وابن علية معتزليان لا عبرة بخلافهما، ونقل القرطبي عن ابن عبد البر قوله: "إنما صارت ديتها -والله أعلم- على النصف من دية الرجل من أجل أن لها نصف ميراث الرجل، وشهادة امرأتين بشهادة رجل، وهذا إنما هو في دية الخطأ. وأما العمد ففيه القصاص بين الرجال والنساء لقوله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ علَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَىبِالأُنثَى) [البقرة:178] أهـ.
وأما قول السائل: ولماذا لا يتساوون؟ والآية واضحة في ذلك؟ فهذه جرأة على الدين يخشى على صاحبها منها، فإن الإجماع حجة قاطعة، وليس لكل أحد أن يفسر القرآن ويستنبط منه، كما أنه لا اجتهاد في موضع الإجماع.
2- وأما خلق المرأة من ضلع فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا شهد أمراً فليتكلم بخير أو ليسكت، واستوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضِلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيراً".
وعند البخاري ومسلم: "المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج".
وهذا الحديث يبين ما جبلت عليه المرأة من الضعف واحتمال المخالفة، ولذلك جاءت الوصية بالإحسان إليها، وهذا من رحمة الإسلام وتكريمه للمرأة أنه راعى طبيعتها وتكوينها، وأرشد الزوج إلى غض الطرف عما يصدر عنها من أخطاء ليستقيم أمر الحياة.
وليس في هذا الأمر إهانة للمرأة، وإنما هو تقدير العليم الخبير الحكيم، ليتم الابتلاء وتتحقق العبودية، كما جعل الله تعالى التفاوت في الخلق، فمنهم الجميل ومنهم القبيح، ومنهم الأبيض ومنهم الأسود، ومنهم الصحيح ومنهم السقيم، ومنهم المتكلم ومنهم الأخرس، ومنهم الأعمى ومنهم البصير، وله في ذلك سبحانه الحكمة التامة: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) [الأنبياء:23] ومن اعترض على ربه كان شبيهاً بإبليس حين قال: (أأسجد لمن خلقت طيناً) [الإسراء:61]
فإذا كنت مسلماً فألق عنك هذه الوساوس واعلم أنه ليس على وجه الأرض دين ولا مبدأ ولا شرع كرم المرأة مثل ما كرمها الإسلام، وكيف يهين الرجل أمه، وبنته وأخته وزوجته، والشريعة طافحة بالأمر بالإحسان والرعاية لهن؟!.
3- وأما حديث "أنتن صواحب يوسف".
فهو حديث ثابت في الصحيحين وله مناسبة، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرض موته "مروا أبا بكر فليصل بالناس فقيل له إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس. وأعاد، فأعادوا الثالثة فقال إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس" والقائل له هو عائشة رضي الله عنها كما جاء في الروايات الأخرى، وجاء في رواية أن المخاطب حفصة بنت عمر بأمر عائشة ولذلك قال لهن: " إنكن صواحب يوسف" أي: مثلهن في إظهار خلاف الباطن، قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ثم إن هذا الخطاب وإن كان بلفظ الجمع فالمراد به عائشة فقط. كما أن صواحب صيغة جمع والمراد زليخا فقط، ووجه المشابهة بينهما في ذلك: أن زليخا استدعت النسوة وأظهرت لهن الإكرام بالضيافة، ومرادها زيادة على ذلك أن ينظرن إلى حسن يوسف ويعذرنها في محبته، وأن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن أبيها كونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه، ومرادها زيادة على ذلك هو أن لا يتشاءم الناس به، وقد صرحت هي فيما بعد بذلك فقالت: لقد راجعته وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلا قام مقامه أبداً. أهـ
وقولها هذا مخرج في الصحيحين أيضاً.
وليس في هذا الحديث تعلق بولاية المرأة العامة أو الخاصة، بل الأمر فيه كما بينا. والله أعلم.
4- وأما شهادة المرأة
فقد قال الله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) [البقرة: 282]
ولشهادة المرأة أحوال:
أ - تقبل شهادة النساء منفردات، وذلك فيما لا يطلع عليه إلا النساء كالولادة، والاستهلال، والرضاع، والعيوب المستورة.
ب - ولا تقبل شهادة النساء في الحدود والقصاص باتفاق الفقهاء.
ت - وتقبل شهادة الرجال مع النساء فيما هو مال أو آيل إلى المال، كالبيع والإقالة والحوالة والضمان، والحقوق المالية كالخيار والأجل، وغير ذلك.
ث - واختلف الفقهاء في شهادة النساء في الأمور التي يطلع عليها الرجال غالباً مما ليس بمال ولا يؤول إلى المال: كالنكاح والطلاق والرجعة والإيلاء والظهار والنسب والإسلام والردة والجرح والتعديل والموت والإيجار والوكالة والوصاية، فذهب الجمهور إلى منع شهادة النساء في ذلك لقوله تعالى: (إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم) [المائدة:106] ولحديث: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " رواه البيهقي بإسناد صحيح، ولقول الزهري" مضت السنة بأنه لا تجوز شهادة النساء في الحدود، ولا في النكاح والطلاق" وقيس عليها ما شاركها في المعنى.
... وذهب الحنفية إلى قبول شهادة النساء فيما سوى الحدود والقصاص مطلقاً أخذاً بعموم الآية.
... وعليه فالمرأة إذا رأت مشاجرة في مكان يطلع عليه الرجال فشهادتها محل خلاف
... بين أهل العلم. فإن لم يكن في المكان أحد غير النساء جازت شهادة امرأتين فيما
... يظهر لنا، حتى لا تضيع الحدود.
...
5- حديث "إنما الشوم في ثلاثة الفرس والمرأة والدار" حديث صحيح رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لهما: " إن كان الشوم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس"، ولمسلم " إن يكن من الشوم في شيء حق" ...
وفي الصحيحين: " لا عدوى ولا طيرة، وإنما الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار".
وقد اختلف العلماء في معنى الحديث، فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سبباً للضرر والهلاك، وكذا اتخاذ المرأة المعينة أو الفرس أو الخادم قد يحصل الهلاك عنده بقضاء الله تعالى. قال النووي: ومعناه: قد يحصل الشؤم في هذه الثلاثة كما صرح به في رواية: " إن كان الشؤم في شيء ". وقال الخطابي: هو في معنى الاستثناء من الطيرة، أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه وطلاق المرأة.
وأصح الأقوال في هذا -والله أعلم- أن المراد بذلك حسم المادة وسد الذريعة لئلا يوافق شيء من ذلك القدر، فيعتقد من وقع له أن ذلك من الطيرة فيقع في اعتقاد ما نهي عن اعتقاده، فأشير إلى اجتناب مثل ذلك. أفاده الحافظ ابن حجر، وهو منقول عن غيره أيضاً.
فكأن الشارع لما نفى الطيرة، وكانت هذه الأشياء لا ينفك الإنسان عن مصاحبتها فربما سكن داراً فتوالت عليه المصائب، أو تزوج امرأة فحل به شيء من الأذى ونحو ذلك، فأرشد الشارع إلى مفارقة ما ذكر حتى لا يقع المكلف في اعتقاد الطيرة والشؤم المنهي عنه، وليس شيء يقع إلا بقدر الله سبحانه وتعالى.
والله أعلم.
‰16 صفر 1420