ƒـ[أي المواعظ والحكم التي تتكلم عنها في زواج الرسول لكي أقتدى به كرسول ديانتي، وأنا أحرج من أذكر هذا الحجج والبراهين التي تحدثت أنت عنها، لأني أنا نفسي غير مقتنع بها تماما فزواجه من خديجة كان من أجل المال وزواجه من زوجات الشهداء، فهناك أكثر من مائة طريقة كي يحافظ عليهم وعلى أولادهم يا أخي فكر بعقلك الذي أعطاه الله لك؟]ـ
^الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كان لأسباب تشريعية وإنسانية، وله حكم كثيرة كنا قد بيناها من قبل، فلك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 1570، والفتوى رقم: 12207.
وأما قولك: إن زواجه -صلى الله عليه وسلم- من خديجة كان من أجل المال، فهذا لا يقول به عاقل، فإن خديجة -رضي الله عنها- هي التي خطبته كما ورد في المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي.
ثم كيف يتصور عنه ذلك وهو القائل: لو كان لي مثل أحد ذهبا ما يسرني أن لا يمر علي ثلاث وعندي منه شيء إلا شيء أرصده لدين. كما أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة؟ وفي رواية: إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وشماله وخلفه.
وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال: ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فقال ل ا. وروى الإمام أحمد عن أنس: أن رسول الله لم يسأل شيئاً على الإسلام إلا أعطاه، قال: فأتاه رجل فأمر له بشاء كثير بين جبلين من شاء الصدقة، قال: فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمداً صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء ما يخشى الفاقة. ورواه مسلم عن أنس: أن رجلاً سأل النبي فأعطاه غنما بين جبلين فأتى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء ما يخاف الفاقة.
ويشهد لهذا تقسيمه -صلى الله عليه وسلم- لغنائم حنين، حيث روى مسلم عن رافع بن خديج قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس كل إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك، فقال عباس بن مرداس:
أتجعل نهبي ونهب العبيد * بين عيينة والأقرع
فما كان حصن ولا حابس * يفوقان مرداس في المجمع
وما كنت دون امرئ منهما * ومن تخفض اليوم لا يرفع.
قال: فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة.
ثم ما ذكرته من أن زواجه من زوجات الشهداء كان يمكنه أكثر من مائة طريقة كي يحافظ عليهن وعلى أولادهن، فإذا فكرنا بعقولنا -كما طلبت منا- فهل يكفي لتسلية المتوفى عنها زوجها أن يحافظ عليها وعلى أولادها؟ أليس أولى في تسليتها وأبرأ لجرحها أن يحافظ عليها وعلى أولادها، وأن تجد زيادة على ذلك زوجاً يخلف لها ما فقدته من متع الزوجية؟ ثم فيما يخص الحكمة التعليمية التبليغية، أليست الزوجة ألصق الناس بزوجها، وأعلمهم بحاله، وأجرأهم على سؤاله؟ والزوج أليس هو أيضاً أبوح لزوجته، وأكثر مصارحة لها في أمور كثيرة، وخاصة فيما يستحيى عادة من ذكره؟ أليس من الحكمة البالغة أن تكثر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لينقلن الخاص والعام من أقواله وأحواله وأفعاله التشريعية، ويسألنه عما لا يجرؤ غيرهن على أن يسأله عنه، ثم يبلغن ذلك للأمة، لا نعتقد أن من فكر بعقله يمكن أن ينكر شيئاً من هذا.
والله أعلم.
‰11 رمضان 1427