شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ بَلْ كُلُّهَا طَرِيقُ جَهَنَّمَ فَمَنْ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْهَا وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَهَا فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَانْفَتَحَ لَهُ طَرِيقُ جَهَنَّمَ يَنْتَقِلُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الصَّغِيرِ إلَى صَغِيرٍ آخَرَ أَكْبَرَ مِنْهُ وَيَنْدَرِجُ إلَى كَبِيرٍ ثُمَّ أَكْبَرَ حَتَّى يَسْقُطَ فِي جَهَنَّمَ فَكَيْف يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا قُرْبَةً إلَى اللَّهِ وَإِنَّمَا يُقَدِّرُهُ عَلَى بَعْضِ عِبَادِهِ لِيَكُونَ لُطْفًا بِهِمْ أَوْ بِغَيْرِهِمْ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ خَيْرٌ لَهُمْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ اعْتِبَارًا وَالْأَشْيَاءُ قَدْ تُرَادُ إرَادَةَ الْمَقَاصِدِ وَقَدْ تُرَادُ إرَادَةَ الْوَسَائِلِ لُطْفًا بِالْعِبَادِ فَلَا يَلْتَبِسُ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ.
وَالْمَطْلُوبَاتُ كُلُّهَا إمَّا مَقَاصِدُ وَإِمَّا وَسَائِلُ صَالِحَةٌ لِمَا هُوَ أَصْلَحُ مِنْهَا وَالْمَنْهِيَّاتُ كُلُّهَا مَفَاسِدُ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى بَعْضِهَا صَلَاحٌ فَلَا يُوَصِّلُهُ ذَلِكَ إلَى حَدِّ الطَّلَبِ وَلَا الْقُرْبَةِ وَالْمَطْلُوبُ هُوَ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلَّا الضَّلَالُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
كَتَبَهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ ثَانِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ. انْتَهَى.
(كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ) (مَسْأَلَةٌ) دَارٌ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ ادَّعَى أَحَدُهُمْ كُلَّهَا وَالْآخَرُ ثُلُثَيْهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمْ بَيِّنَةً.
(الْجَوَابُ) لِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُهَا كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلٍّ مِنْهُمْ شَهِدَتْ لَهُ بِمَا فِي يَدِهِ وَزِيَادَةً فَلَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ، أَمَّا مُدَّعِي الْكُلِّ فَلِأَنَّ بَيِّنَتَهُ فِي الزَّائِدِ مُعَارَضَةٌ بِبَيِّنَةِ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ فِي الثُّلُثَيْنِ، وَبَيِّنَةِ مُدَّعِي النِّصْفِ فِي النِّصْفِ فَتَسَاقَطَا وَسَقَطَتْ دَعْوَاهُ فِي الثُّلُثَيْنِ، وَأَمَّا مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ فَلِأَنَّ بَيِّنَتَهُ فِي الزَّائِدِ مُعَارَضَةٌ بِبَيِّنَةِ مُدَّعِي الْكُلِّ فِيهِ وَبَيِّنَةِ مُدَّعِي النِّصْفِ فِي نِصْفِهِ وَهُوَ السُّدُسُ فَتَسَاقَطَتْ وَسَقَطَتْ دَعْوَاهُ بِالثُّلُثِ الزَّائِدِ، وَأَمَّا مُدَّعِي النِّصْفِ فَلِأَنَّ بَيِّنَتَهُ بِالسُّدُسِ الزَّائِدِ مُعَارَضَةٌ بِبَيِّنَةِ مُدَّعِي الْكُلِّ فِيهِ وَبِبَيِّنَةِ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ فِي نِصْفِهِ وَهُوَ نِصْفُ السُّدُسِ فَتَسَاقَطَتْ وَسَقَطَتْ دَعْوَاهُ بِالسُّدُسِ الزَّائِدِ وَاسْتَقَرَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ الثُّلُثُ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلَكِنَّ مَا طَرِيقُهُ هَلْ هُوَ بِالْيَدِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَدِ جَمِيعًا؟ نُقَدِّمُ عَلَى هَذَا مُقَدِّمَةً وَهِيَ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحُكْمَ بِهَا وَبِالْيَدِ بِمَعْنَى أَنَّهَا رَجَّحَتْ الْيَدَ وَلَا يَحْلِفُ صَاحِبُهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ: يَحْلِفُ، وَقِيلَ: تَتَسَاقَطُ الْبَيِّنَتَانِ وَتَبْقَى الْيَدُ وَحْدَهَا فَيَحْلِفُ قَطْعًا، وَبَيِّنَةُ الدَّاخِلِ مَسْمُوعَةٌ بَعْدَ قِيَامِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ