إذْ قَالُوا: إنَّهُ يَبِيعُ وَإِطْلَاقُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطٍ تَقَدَّمَ قَبَضَ عَنْهُ شَاهِدٌ لِمَا قُلْنَاهُ، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ الَّذِي هُوَ بِصَدَدِ الِانْفِسَاخِ فَهُنَا أَوْلَى وَلِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَى جَمِيعِ الشَّجَرِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَمَا قَبْلَهَا، أَمَّا بَعْدَ وُجُودِ الثَّمَرَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْجَانِبَيْنِ فَإِنْ أَفْرَدَ الشَّجَرَ بِقِسْمَةٍ وَالثَّمَرَ بِقِسْمَةٍ فَالْكَلَامُ فِي الشَّجَرِ عَلَى مَا سَبَقَ وَالْكَلَامُ فِي الثَّمَرَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى قِسْمَةِ الثِّمَارِ عَلَى الشَّجَرِ وَهِيَ غَيْرُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لَا يَجُوزُ قَطْعًا وَفِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ ثَلَاثُ طُرُقٍ، ثَالِثُهَا: إنْ قُلْنَا: إقْرَارٌ جَازَ، وَإِنْ قُلْنَا: بَيْعٌ فَلَا.
وَمَحَلُّهَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا، وَإِنْ قَسَّمَ الشَّجَرَ وَالثِّمَارَ جُمْلَةً وَوَقَعَتْ الثِّمَارُ فِي الْجَانِبَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لِقَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ شَجَرٍ وَرُطَبٍ بِمِثْلِهِ إلَّا إذَا قُلْنَا: قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ إقْرَارٌ فَيَصِحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَتَبَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، ثُمَّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ظَفَرْت بِنَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ مِنْ كَلَامِهِ فِي بَابِ الْمُسَاقَاةِ قَالَ: وَإِذَا أَفْلَسَ رَبُّ الْحَائِطِ ثُمَّ كَانَ الْمُسَاقِي عَلَى مُعَامَلَتِهِ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْمُسَاقَاةِ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَصْلَ وَلِلْمُسَاقِي فِيهِ حَقٌّ إلَى أَجَلٍ؟ .
قِيلَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَجَازَ بَيْعَ النَّخْلِ وَفِيهِ ثَمَرَةٌ قَدْ أُبِّرَتْ.
انْتَهَى كَلَامُ الْبُوَيْطِيِّ وَهُوَ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ.
قَالَ وَلَدُهُ قَاضِي الْقُضَاةِ الْخَطِيبُ أَبُو نَصْرٍ تَاجُ الدِّينِ سَلَّمَهُ اللَّهُ: أَمْلَاهَا عَلَيَّ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ سَادِسَ شَعْبَانَ سَنَةَ 744 بِالدَّهْشَةِ خَارِجَ دِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.
(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) (مَسْأَلَةُ) الشَّاهِدِ إذَا شَهِدَ بِمَا يَشْهَدُ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَبَتَّ شَهَادَتَهُ ثُمَّ قَالَ مُسْتَنَدِي الِاسْتِفَاضَةُ هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا؟ .
(الْجَوَابُ) يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَزَمَ بِالشَّهَادَةِ وَتَبْيِينُهُ الْمُسْتَنَدَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُقْدَحُ مَعَ جَزْمِهِ، وَقَدْ الْتَبَسَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمَوْجُودِينَ ذَلِكَ وَقَالُوا: لَا يُقْبَلُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا شَهِدَ بِالِاسْتِفَاضَةِ بِمَعْنَى شَهِدَ أَنَّهُ اسْتَفَاضَ فَهَذَا لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ