ابْنُ سَعْدٍ.
وَاَلَّذِي فِي الْمُسْنَدِ أَوْلَى أَنْ يُعْتَمَدَ وَهُوَ أَنَّهُ ابْنُ سَلْمَى وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يَعْلَى آخَرُ ابْنُ سَلْمَى وَلَمْ تُعْرَفُ فِي بَنَاتِ حَمْزَةَ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ يَعْلَى بْنَ حَمْزَةَ وَهُوَ ابْنُ سَلْمَى وَأَنَّ أُمَّهُ سَلْمَى الْمُعْتِقَةُ فَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اخْتِصَاصِ إرْثِ الْوَلَاءِ بِالرِّجَالِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَّثَ يَعْلَى مِنْ مَوْلَى أُمِّهِ وَلَمْ يُوَرِّثْ أُخْتَهُ أُمَامَةَ وَكَانَتْ مَوْجُودَةً ذَلِكَ الْوَقْتَ فَهَذَا لَوْ سَلِمَ انْشَرَحَتْ نَفْسِي لَهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَرِثْنَ بِالْوَلَاءِ بَعْدَ تَقْرِيرِ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ وَبَعْدَ اعْتِقَادِ أَنَّ سَلْمَى كَانَتْ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ غَيْرَ ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إنَّ الْمُعْتِقَةَ تَرِثُ فِي حَيَاتِهَا وَإِمْكَانُ إرْثِهَا وَبَعْدَ تَقْرِيرِ الِاسْتِدْلَالِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ قَتَادَةَ عَنْ سَلْمَى لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ سَلْمَى رَاوِيهِ؛ لِأَنَّ قَتَادَةَ لَمْ يُدْرِكْهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ قِصَّتِهَا وَكَثِيرًا مَا تُسْتَعْمَلُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَتَادَةُ رَوَى تَوْرِيثَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ مُرْسَلٌ.
وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ مِنْهُمْ مَنْ احْتَجَّ مُطْلَقًا وَمِنْهُمْ مَنْ احْتَجَّ بِهِ إذَا اعْتَضَدَ وَهُوَ هُنَا اعْتَضَدَ بِأُمُورٍ: قَوْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَالْقِيَاسِ، وَفَتْوَى أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَهَذَا لَوْ سَلِمَ أَحْسَنُ دَلِيلٍ رَأَيْته فِي اخْتِصَاصِ الْوَلَاءِ بِالرِّجَالِ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ؛ لِأَنَّ سَلْمَى هِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِذَلِكَ لَا يَسْلَمُ الِاسْتِدْلَال كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ سَلْمَى إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُعْتِقَةُ فَمِيرَاثُ مَوْلَاهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ يَعْلَى بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ ابْنُهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمَوْلَى كَانَ لِحَمْزَةَ وَأَضَافَهُ إلَى امْرَأَتِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ تَوْرِيثُ يَعْلَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ حَمْزَةَ وَيَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ أَيْضًا عَلَى حِرْمَانِ الْإِنَاثِ؛ لِأَنَّ أُمَامَةَ بِنْتَ حَمْزَةَ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَلَمْ يُوَرِّثْهَا شَيْئًا بِمُقْتَضَى ذَلِكَ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ وَكَانَ الْمَوْلَى لِحَمْزَةَ عَلَى حِرْمَانِ الْبِنْتِ وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ أَنْ تَكُونَ سَلْمَى مَيِّتَةً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى لِسَلْمَى فَيُشْكِلُ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ لِاخْتِصَاصِ يَعْلَى دُونَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ.
وَإِنْ كَانَتْ سَلْمَى بِنْتُ حَمْزَةَ وَيَعْلَى ابْنُهَا سُمِّيَ بِاسْمِ خَالِهِ فَيَتَعَيَّنُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ سَلْمَى مَيِّتَةً ذَلِكَ الْوَقْتِ وَحِينَئِذٍ لَا يَبْقَى فِيهِ دَلِيلٌ إلَّا عَلَى أَنَّ