وَحِينَئِذٍ نَقُولُ لَهُ: عَفَا اللَّهُ عَنْك هَذَا الْمَنْقُولُ فِي الْمَذَاهِبِ خِلَافُ مَا قُلْت وَلَمْ نَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا. وَقَوْلُهُ قَطُّ.
قُلْنَا كَلَامُ النُّحَاةِ إنَّ قَطُّ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْمَاضِي فَلَا يَصِحُّ كَلَامُهُ إلَّا إنْ تَأَوَّلْنَا لَهُ لَا يُعْلَمُ فِي مَعْنًى لَمْ يُعْلَمْ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ غَيْرِهِ. وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ أَهْلِ زَمَانِهِمْ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ: إنَّهُ خَطَأٌ صُرَاحٌ. لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَابَلَ بِمِثْلِهِ، وَقَوْلُ ذَلِكَ الْفَقِيهِ إنَّ لَفْظَةَ " ثُمَّ " تَقْتَضِي التَّعْقِيبَ كَأَنَّهُ يُرِيدُ التَّرْتِيبَ فَإِنَّ التَّعْقِيبَ لِلْفَاءِ لَا لِثُمَّ.
وَقَوْلُهُ دُونَ خِلَافٍ قَدْ قَدَّمْنَا مَا فِيهِ، ثُمَّ مَسْأَلَةُ مَالِكٍ إذَا سُلِّمَتْ لَهُ وَقْفٌ عَلَى بَنِينَ أَرْبَعَةٍ مُعَيَّنِينَ وَقَدْ قُلْنَا إنَّ الْأَوْلَادَ إذَا سُمُّوا يَأْتِي فِيهِمْ الْخِلَافُ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو فَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَتِنَا وَهِيَ وَقْفٌ عَلَى الْأَوْلَادِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ جِهَةٍ مَحْضَةٍ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُشَارُ إلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ فِي رَجُلٍ تَصَدَّقَ عَلَى بَنَاتِهِ فَإِذَا انْقَرَضَ بَنَاتُهُ فَلِذُكُورِ وَلَدِهِ نَسْلُ ذَلِكَ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ وَلَهُ وَلَدٌ ذُكُورٌ فَقَالَ وَلَدُ وَلَدِهِ يَدْخُلُ دَخَلُوا.
فَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي غَيْرِ مَسْأَلَتِنَا لَكِنَّهُ اُعْتُبِرَ فِي السُّؤَالِ فِي انْقِرَاضِ الْبَنَاتِ جَمِيعِهِنَّ وَالْبَنَاتُ جِهَةٌ كَالْأَوْلَادِ وَالسُّؤَالُ بَيْنَ يَدَيْ مَالِكٍ فَإِنْ كَانَ انْقِرَاضُ كُلِّهِنَّ لَا يُعْتَبَرُ لِمَ لَا يُنْكِرُهُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ إمَامُ الْمَالِكِيَّةِ فِي كِتَابِهِ الْكَافِي: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ فِي حَبْسِهِ عَلَى وَلَدٍ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ لَمْ يَدْخُلْ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ مَعَ وَلَدِ الْأَعْيَانِ حَتَّى يَنْقَرِضُوا وَهَذَا نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ.
فَإِنْ كَانَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ الَّذِي عَنَاهُ ابْنُ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ: بَعْضُ فُقَهَاءِ زَمَانِنَا.
فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ وَيَكْفِي قَوْلُهُ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَعَدَمُ خِلَافِ غَيْرِهِمَا مَعَ قَوْلِ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ وَلِنَكْتَفِ مِنْ كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ بِهَذَا.
كَتَبْته لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ الْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ، وَحَضَرْتُ فَتْوَى لِابْنِ تَيْمِيَّةَ الْحَنْبَلِيِّ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَمَاتَ وَاحِدٌ عَنْ وَلَدٍ فَأَفْتَى أَنَّ نَصِيبَهُ لِوَلَدِهِ وَذَكَرَ أَنَّ فِي مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ وَأَنَّ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَجْهًا مُخَرَّجًا.
وَقَدْ غَلَطَ عَلَى مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَظُنُّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى غَلَطِهِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ صَدْرُ كَلَامِ