رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَاكُمْ عَنْ الْحَقْلِ وَيَقُولُ: مَنْ اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، أَوْ لِيَدَعْ» .
الْقُصَارَةُ بِالضَّمِّ مَا بَقِيَ فِي السُّنْبُلِ بَعْدَ مَا يُدَاسُ، قَالَ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ «عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قُلْت لِطَاوُسٍ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ تَرَكْتُ هَذِهِ الْمُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ قَالَ قَالَ أَيْ عَمْرٌو إنِّي أُعِينُهُمْ وَأُعْطِيهِمْ إنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخَذَ النَّاسَ عَلَيْهَا عِنْدَنَا وَأَنَّ أَعْلَمَهُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَلَكِنْ قَالَ: لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا مَعْلُومًا» .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ طَاوُسٌ هُوَ الْمُخَابَرَةَ الْمَكْرُوهَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ كِرَاءَ الْأَرْضِ قَالَ ابْنُ مَاجَهْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَكْرَى الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلَى الثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ فَهُوَ يُعْمَلُ بِهِ إلَى يَوْمِك هَذَا.
وَبَوَّبَ ابْنُ مَاجَهْ فِي (مُعَامَلَةِ خَيْبَرَ) مُعَامَلَةَ النَّخِيلِ، وَالْكُرُومِ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ إلَّا النَّخْلَ، وَالْأَرْضَ مُعَاذٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْحَلَالِ، وَالْحَرَامِ. هَذِهِ أَحَادِيثُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ أُصُولُ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ كَافِيَةٌ لِمَنْ أَحَاطَ بِهَا وَلَا يَبْقَى بَعْدَهَا إلَّا فَهْمٌ يُؤْتِيهِ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ.
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيمَا يُحْسَبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إلَى قَصْرِهِمْ فَغَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ، وَالنَّخْلِ، وَالزَّرْعِ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ دَعْنَا نَكُنْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نُصْلِحُهَا وَنَقُومُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا لِأَصْحَابِهِ غِلْمَانٌ يَقُومُونَ عَلَيْهَا فَأَعْطَاهُمْ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمْ الشَّطْرَ مِنْ كُلِّ نَخْلٍ وَزَرْعٍ وَشَيْءٍ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ كُلَّ عَامٍ يَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَضْمَنُهُمْ الشَّطْرَ فَشَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَامٍ شِدَّةَ خَرْصِهِ وَأَرَادُوا أَنْ يُرْشُوهُ فَقَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ تُطْعِمُونِي السُّحْتَ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إلَيَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنْ الْقِرَدَةِ، وَالْخَنَازِيرِ وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إيَّاكُمْ وَحُبِّي إيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَاتُ، وَالْأَرْضُ» .
قَوْلُهُ كُلَّ عَامٍ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَابْنُ رَوَاحَةَ اُسْتُشْهِدَ فِي مُؤْتَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ فَمُدَّةُ حَيَاتِهِ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ سَنَةٌ وَنِصْفٌ، وَقَدْ سَمَّعْت سُنَنَ الدَّارَقُطْنِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَمِيعَهُ عَلَى شَيْخِنَا الْحَافِظِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الدِّمْيَاطِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ أَنَا الْحَافِظُ يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ سَمَاعًا عَلَيْهِ بِقِرَاءَتِي أَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَاصِرُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ الْوَتَرِيُّ