فتاوي السبكي (صفحة 247)

ضَرُورَةً أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ عَلَى رَأْيِ سِيبَوَيْهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّ الِامْتِنَاعَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَا يَخْتَصُّ بِسِيبَوَيْهِ عَلَى أَنَّ سِيبَوَيْهِ لَمْ يَذْكُرْ الِامْتِنَاعَ فَكَيْفَ يُقَالُ رَأْيُهُ.

قَوْلُهُ: إنَّهُ كَانَ زَيْدٌ سَيَقُومُ مُرَادِفٌ لِقَوْلِ سِيبَوَيْهِ كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ مَمْنُوعٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ فَإِنَّ التَّقْيِيدَ فِيهِ دَلَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالْإِطْلَاقُ يُضَادُّهُ. قَوْلُهُ إنَّ اسْتِوَاءَهُمَا قَطْعِيٌّ يَنْبَغِي أَنْ يُنْصِفَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَتَأَمَّلَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الصِّيَغِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُنَا كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ كَانَ زَيْدٌ سَيَقُومُ.

وَقَوْلُنَا كَانَ زَيْدٌ إذَا قَامَ يَقُومُ ثُمَّ يُنْظَرُ هَلْ تُشْعِرُ دَعْوَاهُ الْقَطْعَ بِاسْتِوَائِهَا أَوْ لَا وَحِينَئِذٍ نَتَكَلَّمُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ الْوَلَدُ فَسَحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ بِعَدَمِ جَوَازٍ كَانَ زَيْدٌ سَيَقُومُ وَكَلَامُ سِيبَوَيْهِ هَذَا صَرِيحٌ فِي جَوَازِهِ أَقُولُ: لَيْسَ كَلَامُ سِيبَوَيْهِ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً فِيهِ وَلَا تَوَارُدًا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَيَا أَيُّهَا الْوَلَدُ الْفَاضِلُ أَيْنَ قَوْلُك هُنَا إنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ مِنْ قَوْلِك فِيمَا مَضَى إنَّهُ مُرَادِفٌ لَهُ وَالْمُرَادِفُ غَيْرُ مُرَادِفِهِ فَكَيْفَ هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ فَمَا أَسْرَعَ مَا يَنْسَى النَّاسُ إلَّا أَنْ يُعْتَذَرَ بِأَنَّ الْمُتَرَادِفَيْنِ مُتَقَرِّرَانِ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ تَغَايَرَا فِي اللَّفْظِ وَالصَّرَاحَةُ رَاجِعَةٌ إلَى الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ وَحِينَئِذٍ أَمْنَعُك الِاتِّفَاقَ فِي الْمَعْنَى وَسَنَدُ الْمَنْعِ مَا سَبَقَ.

قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَصِحَّ كَانَ زَيْدٌ إذَا حَدَّثَ صَدَقَ فِي وَقْتٍ لَمْ يَقَعْ الْحَدِيثُ فِيهِ لَمَا صَحَّ كَانَ زَيْدٌ إذَا حَدَّثَ صَدَقَ هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ. قَوْلُهُ فِي ثُنَائِهَا إنَّ " لَوْ " وَ " إذَا " كُلٌّ مِنْهُمَا لِلشَّرْطِ.

أَقُولُ: تَسْمِيَةُ " لَوْ " حَرْفَ شَرْطٍ فِيهِ تَجَوُّزٌ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرْطِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ لِأَنَّهُ فِي اللُّغَةِ الْعَلَامَةُ وَالْعَلَامَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَإِنَّمَا هِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الْكَلِمَاتِ: إحْدَاهَا مَا دَلَّ عَلَى امْتِنَاعِ الْمَاضِي لِامْتِنَاعِ غَيْرِهِ فِي الْمَاضِي وَهِيَ لَوْ، وَالثَّانِيَةُ مَا دَلَّ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ فِي الْمَاضِي لِوُجُودِ شَيْءٍ فِيهِ وَهِيَ لَمَّا، وَالثَّالِثَةُ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ مُسْتَقْبَلٍ لِوُجُودِ مُسْتَقْبَلٍ آخَرَ وَهِيَ إنْ وَإِذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا. قَوْلُهُ فِي الْفِعْلَيْنِ الْوَاقِعَيْنِ بَعْدَ إذَا فِي الْمُطَابَقَةِ وَالِالْتِزَامِ صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُ فِي الْفِعْلَيْنِ الْوَاقِعَيْنِ بَعْدَ لَوْ إنَّ وُقُوعَهُمَا بَعْدَ لَوْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَقَعَا فِي الْمَاضِي مُطَابَقَةٌ لِأَنَّ لَوْ مَوْضُوعَةٌ لِلِامْتِنَاعِ. أَقُولُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ " لَوْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ " دَالًّا عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ إنَّمَا وُضِعَتْ دَالَّةً عَلَى امْتِنَاعِ مَا يَلِيهَا وَأَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِمَا لَهَا فَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى امْتِنَاعِ الثَّانِي وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ امْتِنَاعُهُ مِنْ انْتِفَاءِ الْأَوَّلِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِلَوْ وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ السَّبَبِ انْتِفَاءُ الْمُسَبِّبِ مَا لَمْ يَخْلُفْهُ سَبَبٌ آخَرُ كَمَا فِي قَوْلِهِ " لَوْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ " فَعُلِمَ أَنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى انْتِفَاءِ الثَّانِي لَيْسَ بِالْمُطَابَقَةِ بَلْ وَلَا بِالِالْتِزَامِ إلَّا بِوَاسِطَةِ مُقَدِّمَةٍ أُخْرَى وَهِيَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015