الْأُولَى عَلَى إطْلَاقِهَا، وَاللَّفْظُ إذَا كَانَ لَهُ جِهَتَانِ فِي قُوَّةِ لَفْظَيْنِ فَعَامِلْ كُلَّ وَاحِدٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ.
وَيَنْشَأُ مِنْ هَذَا الْبَحْثِ بَحْثٌ آخَرُ فِي قَوْلِهِ " إنْ شِئْت بِعْتُك " وَأَنَّهُ بَاطِلٌ قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: بِعْتُك إنْ شِئْت؛ لِأَنَّ مَأْخَذَ الصِّحَّةِ فِيهِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ تَمَامُ الْبَيْعِ لَا أَصْلُهُ فَاَلَّذِي مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَهُوَ إنْشَاءُ الْبَيْعِ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَتَمَامُهُ وَهُوَ الْقَبُولُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَشِيئَةِ الْمُشْتَرِي وَبِهِ تَكْمُلُ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ.
وَيَنْشَأُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ شِئْت وَقَفْت هَذَا عَلَيْك لَا يَصِحُّ، وَإِنْ قَالَ: وَقَفْته عَلَيْك إنْ شِئْت فَإِنْ قُلْنَا: قَبُولُ الْوَقْفِ فِي الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ بِشَرْطٍ احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ بِالْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ حِينَئِذٍ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ غَيْرَ الْإِنْشَاءِ وَهُوَ لَا يُعَلَّقُ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ كَمَا يُقَالُ: أَبَحْت لَك هَذَا إنْ شِئْت وَالْمَعْنَى إنْ شِئْت فَخُذْهُ، وَفِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَنَحْوِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الشَّرْطُ أَوْ يَتَأَخَّرُ الْكُلُّ مُعَلَّقٌ تَعْلِيقًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ الطَّلَاقُ لَا التَّطْلِيقُ.
وَكَذَلِكَ إنْ مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِنْ مِتّ فَهَذَا وَقْفٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَالْمَنْقُولَةُ عَنْ الْإِسْنَادِ وَلَفْظُهَا وَقَفْت عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتَى وَالظَّرْفُ كَالشَّرْطِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِتَمَامِ الْوَقْفِ وَهُوَ صَحْبُهُ فَلَا يَلْزَمُ الْوَقْفُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِنْشَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ حَاصِلٌ الْآنَ كَمَا أَنَّ إنْشَاءَ الْعِتْقِ فِي التَّدْبِيرِ حَاصِلٌ الْآنَ وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ أَنَّ إيقَاعَ مُصْرَفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ يَتَعَلَّقُ بِبَحْثٍ، وَهُوَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي قَوْلِهِ إنْ حَصَلَتْ فَأَنْتِ طَالِقٌ إذَا دَخَلْت هَلْ هُوَ بِالتَّعْلِيقِ السَّابِقِ وَالشَّرْطُ الدُّخُولُ أَوْ بِالدُّخُولِ وَيَكُونُ بِالتَّعَلُّقِ نَصُّهُ سَبَبًا؟ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ مَذْهَبِنَا وَعَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَالثَّانِي مَنْقُولٌ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُونَ: إنَّهُ يَجْعَلُ عِنْدَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا حُكْمًا وَيُقَدِّرُ كَأَنَّهُ أَنْشَأَ التَّطْلِيقَ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَأَصْحَابُنَا يَقُولُونَ: إنَّ التَّعْلِيقَ السَّابِقَ هُوَ الْمُوجِبُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَيَكُونُ الطَّلَاقُ عِنْدَ الدُّخُولِ لَا بِهِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ هُنَا نَازِعٌ إلَى كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْأَوْلَى مَا نُقِلَ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ فَهُوَ فِي النَّذْرِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ ثُبُوتُ الْعِتْقِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَحِينَئِذٍ يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ الْحَيِّ فَلَوْ كَانَ عَلَى قِيَاسِ التَّعَالِيقِ لَمَا وَقَعَ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ حَصَلَتْ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَإِذَا جَعَلْنَاهُ وَاقِعًا بِالتَّعْلِيقِ