(الْجَوَابُ) نَفْسُ الْوَقْفِ لَمْ يَثْبُتْ وَإِنَّمَا ثَبَتَ إقْرَارُ الْوَاقِفِ وَالْحُكْمُ بِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْوَاقِفِ وَعَلَى مَنْ تَلَقَّى عَنْهُ وَالْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْيَدِ لَمْ يَتَلَقَّ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ جِهَتِهِ وَلَا ثَبَتَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُتَبَايِعِينَ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَلَا مِمَّنْ تَسْتَنِدُ يَدُهُ إلَى الْوَاقِفِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُ إقْرَارِهِ بِالْوَقْفِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ إقْرَارُهُ إلَّا لَهُ وَلِمَنْ تَرَتَّبَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ هُنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
وَإِقْرَارُهُ بِالْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ مَنْ يَرَى صِحَّةَ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ، وَإِقْرَارُهُ بِأَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ عَلَيْهِ يَرَى صِحَّةَ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَوَقْفُ الْمُشَاعِ مُعْتَبَرٌ أَيْضًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَمَنْ تَلَقَّى عَنْهُ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا يَجُوزُ لَنَا بِذَلِكَ أَنْ نَحْكُمَ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ شَخْصٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بَعْدَ الْوَقْفِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ كَانَ لِمَنْ يَرَى بُطْلَانَ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحْكُمَ بِهَا وَيَكُونَ مُقَدِّمَهَا عَلَى إقْرَارِهِ وَعَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ لِكَوْنِهَا ذَكَرَتْ مَا لَوْ اطَّلَعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْكُمْ فَحِينَئِذٍ مَا أَفَادَنَا ذَلِكَ غَيْرَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِمُوجَبِ إقْرَارِهِ عِنْدَ مَنْ يَرَى صِحَّةَ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِنْدَ مَنْ يَرَى بُطْلَانَهُ وَإِثْبَاتَ ابْنِ بَابَا جُولٍ الْمِلْكَ وَالْحِيَازَةَ مَعَ مَا فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ بَعْدَ خَمْسِينَ سَنَةً مِنْ تَارِيخِ الْإِقْرَارِ، وَمَنْ هُوَ الشَّاهِدُ الَّذِي يَكُونُ أَدْرَكَ الْوَقْفَ قَبْلَهُ وَعَرَفَ الْمِلْكَ حِينَئِذٍ لَكِنَّا لَا نَقْدَحُ فِي الشُّهُودِ وَنَبْنِي الْأَمْرَ عَلَى السَّلَامَةِ وَنَقُولُ: ثَبَتَ الْمِلْكُ فَهَلْ يَقْتَضِي ذَلِكَ ثُبُوتَ الْوَقْفِ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ مَالِكٌ إلَى حِينِ عِلْمِهِمْ بِالْوَقْفِ أَوَّلًا إمَّا لِأَنَّ مُرَادَهُمْ إلَى قُبَيْلِ الْإِقْرَارِ الَّذِي يَحْكُمُ بِفَسَادِ الْوَقْفِ إلَيْهِ وَإِمَّا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَلَغَهُمْ الْوَقْفُ بِطَرِيقٍ ظَنِّيٍّ لَا تَسُوغُ الشَّهَادَةُ بِهِ وَيَسُوغُ قَوْلُهُمْ إيَّاهُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْرِيفِ لِغَايَةِ زَمَانِ الْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ.
وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ أَعْنِي أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ إلَى الْوَقْفِ لَا تَتَضَمَّنُ الشَّهَادَةَ بِالْوَقْفِ فَلِذَلِكَ نَقُولُ: إنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْوَقْفُ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُقَالَ بِثُبُوتِ الْوَقْفِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الْوَاقِفِ فَلَا يُمْكِنُ الْحَاكِمَ الَّذِي يَرَى بُطْلَانَ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ أَصْلًا وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِمُوجَبِ الْإِقْرَارِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مَا تَضَمَّنَهُ بَعْضُ الْإِسْجَالَاتِ فِي الْكِتَابِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ رَفْعًا لِلْخِلَافِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْوَرَّاقِ وَهُوَ جَهْلٌ