اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقَ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِك شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِك شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا يَقُولُ بَيْنَ يَدَيْك وَعَنْ يَمِينِك وَشِمَالِك» . أَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحِ وَرُوِيَ فِيهِ خَارِجَ الصَّحِيحِ زِيَادَاتٌ وَأَلْفَاظٌ، وَالْعَبْدُ الْمَذْكُورُ اسْمُهُ يَعْقُوبُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ لَفْظَةٌ مُنْكَرَةٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذَكَرَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ عَامَّةَ دَهْرِهِ كَمَا رَوَاهُ النَّاسُ، قَالَ: ثُمَّ وَجَدْت فِي كِتَابِي دَبَرَ رَجُلٌ مِنَّا غُلَامًا لَهُ فَمَاتَ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَطَأً مِنْ كِتَابِي أَوْ خَطَأً مِنْ سُفْيَانَ فَإِنْ كَانَ مِنْ سُفْيَانَ فَابْنِ جُرَيْجٍ أَحْفَظُ لِحَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ مِنْ سُفْيَانَ وَمَعَ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدِيثُ اللَّيْثِ وَغَيْرِهِ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَجِدُ الْحَدِيثَ بِحَدِيدٍ انْجَبَرَ فِيهِ حَيَاةُ الَّذِي دَبَرَهُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ مَعَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ وَحْدَهُ، وَقَدْ اسْتَدَلُّوا عَلَى حِفْظِ الْحَدِيثِ مِنْ خُطَّائِهِ بِأَقَلَّ مِمَّا وَجَدْته فِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَاللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَغَيْرُ حَمَّادٍ يَرْوِيه عَنْ عَمْرٍو كَمَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَقَدْ أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَقَى سُفْيَانَ قَدِيمًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ فِي حَدِيثِهِ مَاتَ وَعَجِبَ بَعْضُهُمْ حِينَ أَخْبَرْته أَنِّي وَجَدْت فِي كِتَابِي مَاتَ فَقَالَ: لَعَلَّ هَذَا خَطَأٌ مِنْهُ أَوْ زَلَلٌ مِنْهُ حَفِظْته عَنْهُ. هَذَا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَإِنْ كَانَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ لَكِنِّي نَقَلْته لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَائِدَةِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَهُ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَغَيْرِهِ عَرَفَ تَمَكُّنَهُ مِنْ عِلْمِ الْحَدِيثِ.
وَلِنَرْجِعْ إلَى مَا كُنَّا بِسَبِيلِهِ: دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ عَلَى مَنْ سِوَاهُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا أَوْ مَفْضُولًا صَالِحًا أَوْ غَيْرَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ فِي النَّاسِ غَيْرَ أَقَارِبِ الْإِنْسَانِ مَنْ هُوَ أَصْلَحُ مِنْهُمْ غَالِبًا، وَمِنْ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا لَمَّا «قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: أُمَّك، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمَّك ثُمَّ أَبَاك ثُمَّ أَدْنَاك ثُمَّ أَدْنَاك» وَالْأَدْنَى هُوَ الْقَرِيبُ.
وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمَّك» وَذَكَرَ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ «وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْقَرِيبِ أَنَّهَا ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» .
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِزَوْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ