فتاوي الرملي (صفحة 1332)

عَلِمَ ضَرُورَةَ مَجِيءِ الرَّسُولِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِهِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ الْمُتَمَكِّنِ مِنْهُ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ عَلَيْهِ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ قَالَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ أَمَّا إذَا جَعَلْنَا الْإِيمَانَ اسْمًا لِلتَّصْدِيقِ فَقَطْ، وَأَنَّ الْإِقْرَارَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ فِي الدُّنْيَا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَخَلَفِهِ وَالدَّفْنِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُطَالَبَةِ بِالْعُشْرِ وَالزَّكَوَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ. اهـ

وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ عَجَزَ عَنْ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِخَرَسٍ أَوْ اخْتِرَامِ مَنِيَّةٍ قَبْلَ التَّمَكُّنِ صَحَّ إيمَانُهُ قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ قَطْعًا وَقَالَ فِي الشِّفَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَأَبَى مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَأَبِي طَالِبٍ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّهُ يَكْفِيهِ وَقَالَ كَيْفَ يُعَذَّبُ مَنْ قَلْبُهُ مَمْلُوءٌ بِالْإِيمَانِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ غَيْرَ أَنَّهُ لِخَفَائِهِ أُنِيطَ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ الظَّاهِرِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مُؤْمِنٍ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا عَكْسُ الْمُنَافِقِ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْإِرْشَادِ أَيْضًا.

(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ الْعَيْدَرُوسِ السَّيِّدِ الْعَارِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَبْدِ اللَّهِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَسَرَّهُ فِي كِتَابِهِ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ أَجْمَعَ الْعَارِفُونَ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ مَعَ اللَّهِ الْأَنْفَاسُ أَعْنِي أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهَا وَدُخُولُهَا بِذِكْرِ الْجَلَالَةِ وَلَوْ قَوْلَك اللَّهُ اللَّهُ أَوْ ذِكْرَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْخَفِيُّ الَّذِي لَمْ تَتَحَرَّكْ بِهِ الشَّفَتَانِ أَعْنِي أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ حِفْظُ الْأَنْفَاسِ كَوْنُهَا الْأَنْفَاسَ الْهَوَائِيَّةَ الْجُسْمَانِيَّةَ يَكُونُ دُخُولُهَا وَخُرُوجُهَا عَلَى أَفْضَلِ الرِّضَا وَالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا جَوَاهِرُ الْأَعْمَارِ الْمُثْمِرَاتُ لِلْأَسْرَارِ وَالْأَنْوَارِ وَهَذَا مَعْدُودٌ مِنْ الْمَقَامَاتِ. اهـ كَلَامُهُ. فَهَلْ هَذَا النَّقْلُ عَنْ إجْمَاعِ الْعَارِفِينَ صَحِيحٌ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ جَمِيعًا ثُمَّ مَا كَانَ بِالْقَلْبِ وَقَدْ ذَكَرَ مَا بِالْقَلْبِ غَيْرُهُ أَيْضًا؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015