"ولهذا قال العلماء: يجب القتال ويكون فرض عين في أمور أربعة:
الأول: إذا حضر الصف لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: آية 15 - 16].
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم التولي يوم الزحف من كبائر الذنوب، من الموبقات، إلا أن الله تعالى خفف عن عباده، وأذن للمسلمين إذا كان العدو أكثر من مثليهم أذن لهم أن يفروا لقول الله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ} [الأنفال: 66] ولهذا أجاز العلماء الفرار من العدو إذا كان أكثر من الضعف.
الثاني: إذا استنفره الإمام، يعني إذا قال الإمام: "اخرج وقاتل" فإنه يجب على المسلمين أن يخرجوا ويقاتلوا، لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} [التوبة: آية 38] يعني ملتم إليها بثقل، معلوم أن الذي يختار الأرض على السماء أنه ضائع: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة: آية 38].
الثالث: إذا حصر العدو بلده، وهذا هو الشاهد لما قلناه قبل قليل،