الله فيه، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وقال الله -تبارك وتعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً) (سورة النساء، الآية: 5) وهذا دليل على أن ملك الإنسان قاصر وملك مقيد، بخلاف ملك الله -سبحانه وتعالى- فهو ملك عام شامل وملك مطلق يفعل الله -سبحانه وتعالى- ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
ثالثاً: التدبير، فالله -عز وجل- منفرد بالتدبير فهو الذي يدبر الخلق ويدبر السماوات والأرض كما قال الله -سبحانه وتعالى-: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (سورة الأعراف، الآية: 54) وهذا التدبير شامل لا يحول دونه شيء ولا يعارضه شيء. والتدبير الذي يكون لبعض المخلوقات كتدبير الإنسان أمواله وغلمانه وخدمه وما أشبه ذلك هو تدبير ضيق محدود، ومقيد غير مطلق، فظهر بذلك صدق صحة قولنا إن توحيد الربوبية هو ((إفراد الله بالخلق، والملك، والتدبير)) .
النوع الثاني: توحيد الألوهية، وهو ((إفراد الله -سبحانه وتعالى- بالعبادة)) بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحداً يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله -تعالى- ويتقرب إليه، وهذا النوع من التوحيد هو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم، واستباح دماءهم، وأموالهم، وأرضهم، وديارهم، وسبى نساءهم وذريتهم، وهو الذي بعثت به الرسل، وأنزلت به الكتب مع أخويه توحيدي الربوبية، والأسماء والصفات، لكن أكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد -وهو توحيد الألوهية- بحيث