فغضب جنكزخان وتحرك منه باعث العدوان ثم تثبت في أمره وتلبث في فكره وأرسل إلى السلطان رسالة فيها تهديد وبسالة وكان السلطان خوارزمشاه لما أبدى هذا الخطأ وأنهاه طير مراسيمه إلى أطراف الممالك يأمرهم بالمحافظة على در بندات المسالك ويحرض ولاة الأمور وأصحاب الإدراك في المضايق والثغور والطلائع والإرصاد على منع القصاد وكف من يخرج من تركستان إلى صوب ممالك جنكزخان ثم أرسل من جهته جواسيس يختبر أحوال ذلك الإبليس وينظر أموره وأوضاعه ومقدار عسكره وأمرهم في الطاعة وما قصده أن يفعل ليستعد بحسب ما يعلم منه ويعمل فتوجهت جواسيس السلطان وطال في غيبتهم الزمان وقطعوا الجبال والقفار وسلكوا المفارز والأوعار حتى وصلوا إلى بلاده وفحصوا عن أمره واستعداده وخبروا أمر جنده وعتاده وأوضاع عسكره وتعداده فرجعوا بعد مديدة وأزمان وأخبروا بما حققوه السلطان وأن عدد عساكره يفوت الإحصاء ويخرج عن دائرة الاستقصاء وأنهم أطوع البرية للملك وأثبت جنانا من الأسد المنهمك وأصبر جندا على القتال كأن أمر الهزيمة عندهم محال وأنهم إذا واثبوا أو حاربوا أو سالبوا أو لاسبوا أو رابضوا أو ضاربوا خابطوا ثم خاطبوا بقوله:

ونحن أناس لا توسط بيننا ... الصدر دون العالمين أو القبر

وإنهم لا يحتاجون في الأسفار ولا عند مقاحمة الأخطار إلى كثير مؤنة ولا كبير معونة بل كل منهم ينهض باحتياجه واحتياج مركوبه إلى الجامه وأسراجه ويستبد بعمل سلاحه وجميع ما يستعين به سفرا وحضرا في صلحه وصلاحه ونطاحه وكفاحه وكذلك ملبوسه وزاده وسائر هبته وعتاده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015