أنه ما رأى له همياناً ولا يعرف لذلك مكاناً فقال لو شهد لك الكون والمكان ونطق ببراءتك جوامد الزمان وزكاهم الكرام الكاتبون لما شككت أنهم كاذبون لأن إنكار المحسوس مكابرة والمثابرة على الباطل للحق مادبرة خذلك منه يا فقير الثلث والثلث كثير واردد على الثلثين وإن أبيت فاجعله بيني وبينك نصفين فما زاد ذلك على اليمين وما شك هذا أنه يمين فقال اردد على مالي وإلا قتلتك فلا لك ولا لي فقال ما رأيت ما لك فافعل ما بدا لك فشرع في تفتيشه وبالغ في فحصه وتنبيشه فلم يهتد إلى شيء سوى الضلال والغي فأخذه الحنق واشتد به الأرق وثارت نفسه الأبية واتقدت ثورته الغضبية فضربه بمحدد فقتلته وجد له بالإهلاك فجد له ثم تركوه وذهب ولم يحظ من الذهب بغير اللهب كل هذه الأحوال وموسى عليه السلام يشاهد ما فيها من أفعال وأفوال ثم ناجى فقال يا ذا الجلال أنت عالم بحقائق الأمور وسواء عندك البطون والظهور سألت فضلك أن تريني عد لك فأريتني هذا المغرم وأنت أعلى وأعلم ففي ظاهر ما أمرتني وبكرامته غمرتني من الشريعة المطهرة ونص التوراة المحرم أن هذا الحكم جور وظلم فأطلعني على الحقيقة وبين لي سلوك هذه الطرقة فقال الله تعالى وجل جلالاً يا موسى المقتول قتل أبا القاتل والقاتل سرق الكيس من أبي الفارس الخائل ففي الحقيقة الفارس النبيه وصل إلى ماله المخلف عن أبيه والقاتل إنما استوفي قوده ممن قتل والده وهذه الأمور إنما تتضح يوم النشور تبلى السرائر وتكشف الضمائر وينادي يوم التناد لا ظلم اليوم إن الله قد حكم بين العباد