وكان في تلك المحلة شخص أحدب أبله يدخل البيوت ويتمسخر فلا يمنع من ذلك ولا يزجر ويلاطفه الأكابر والأعيان ولا يحتجب منه النسوان فمر على باب زيد فرآه لا إغلاق ولا قيد فدخل على غفلة ولم يستأذن أهله فلم يشعر به إلا بعد حلول ركابه فوجم لرؤيته القصاب وخاف من حلول مصاب ونشور وانحرف فقالت له المرأة لا تخف إنما هو أبله مسخرة في المحلة فأخذوا يتلاطفون ويتمازحون ويتظارفون إلى أن قرب الليل وفات النيل، فطرق الباب ووصل الزوج بالارتياب فلم يشعروا إلا والبلاء قد أقبل ومصابهم الأعظم في أكنافهم قد نزل، فخاتبطوا والتبطوا وانحلة قواهم وارتبطوا وطلب القصاب مخبئ فأرته للطقيسي درباً وطلب الأحدب من شر زيد المهرب فكان في أرض البيت تنور فنزل فيه وهو مضرور وغطته بغطائه وسترته ببعض وطائة وأراب زيد الفتح في إبطائه ثم توجهت إلى الباب وهي في اضطراب فدخل زيد وهو سكران ومن تأخير فتح الباب غضبان وكان قد تناول مع مخدوميه ولعبة بشيخ عقله بنت كرومه، فلما نزل عن السرج رأى الزوجة في هرج ومرج فأنكر حالها وسألها ما لها فقالت: كرهت فقدك وخاطري عندك فلا ذقت بعدك ولا عشت بعدك