فلما بلغ الذئب الرسالة وأدى ما فيها من شجاعة وبسالة وبين لملك الأفيال ما تضمنته من عظمة وجلال استشاط ملك الأفيال وتغيرت لاضطرابه الأحوال ونظر من تلك الفيول إلى فيل ظلوم جهول وبدر إليه من غير تدبر ولا تأمل في الأمور وتفكر وقال اذهب إلى هذا العتمد على كلامه الراقد في غفلة منامه وفل له متى مارست معركة الشجعان أو صارعت رجال الميدان وأنى لك طاقة بمصادمة الجبال ومن أين تعرف مقامة الأفيال فاستيقظ لنفسك فعن قريب تحل برمسبك واستعد لجنود لا قبل لك بها فستشاهد ما لم تسمعه من ضربها في حربها فلقد أتاك عسكر القضاء وبنوده وليحظمنكم سليمان الأفيال وجنوده فلير يقن ولسيتأسرن الحرائر كالإماء وليدوسن الأطفال ولترين منه الإنكاد والأنكال وليظهرن آثار الدمار والبوار بمالك من ممالك ومساكن وديار وليفعلن بولاياتك ما فعله بممالك الإسلام التتار وأنت بين أمرين وبخير النظرين إما أن تطيع لأمرنا وتنقاه وتسلم إلينا ما بيدك من بلاد وأما أن تختار طرق الفراق والفرار وتنجو منا منجا الذباب وتتنحى عن طريقنا بما معك من كلاب وذئاب وقد بالغنا في النصيحة بعبارات الصحيحة وأقوالنا الفصيحة قبل إفشاء الفضيحة فوصل الفيل الرسول وأدى هذا القول فتشوش الأسد وداخله الغيظ والنكد فأراد الإيقاع بالرسول الظلوم الجهول ثم تمالك وعن ذلك تمامك وقال لولا أن عادة الملوك ودرب السياسة المسلوك أن لا تهاج الرسل ولا

تضيق عليهم السبل لقابلتك على كلامك الفج بما يجب من العج والثلج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015