كذلك الملوك والسلاطين والقائمون بإقامة شعائر الدين هم ممن اختاره الله على خلقه وأجرى على يديه لهم بحار كرمه ورزقه والسلطان ظل الله في أرضه يجري بين عباده شريعة نفله وفرضه قال من له الخلق والأمر أطيوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر وقد غفل أهل هذه الممالك عن السلوك في هذه المسالك وعن درك هذه الحقائق وأعرضوا عن الدخول في أحسن الطرائق وهي طريق المحاشمة والصفح والمكارمة وعدوا المكر من أحسن الرياسة والعقل والكياسة والتحيل لأكل أموال الناس من الذكاء ومظالم العباد من خلال الصدق والصفاء وتملقهم للملوك والسلاطين من أسباب الوصول إلى الأغراض مع تحسين الظواهر وفي البواطن أمراض فظواهرهم ظواهر الإنس تشمل على المودة والإنس وما فيهم تحت الثياب إلا كلاب وذئاب ولأجل هذا سلطنا الله عليهم ومد يد بطشنا إليهم معاملهم بالفراسة ونعمل بما تقتضيه الكياسة وتصوبه الآراء السلطانية من قواعد السياسة قال الحكيم حسيب بعد ما أدركما في هذا الكلام من نكر غير مصيب اعلم أيها الوزير النافع الناصح والدستور الشفيق المصالح أن الرعية بمنزلة السرج والملك لمنزلة الشمس في البرج وإذا تلألأ على صفحات الأكوان وأنار في وجه الزمان والمكان أشعة نور الشمس الوهاج فأي شعاع ووجود يبقى للسراج وإن أنوار قلوب الرعايا وما يحصل لها من إشراق ومزايا إنما هي من فيض أشعة ملوكهم وإن الرعية تتبع الملوك في سلوكهم فإذا صفت مرآة قلب السلطان أشرقت بالطاعة قلوب الرعايا والأعوان بل الزمان والمكان تابعان لما يضمره وينويه السلطان