في الهوى وينقل عن بيدر الشقاء إلى طاحون البلاء فهناك يجدح سويق أفعاله ما يزيغه فيحسوه ويتجرعه ولا يكاد يسيغه ويصهر به ما في البطون ويقال له ذوقوا ما كنتم تكسبون هذا وإذا كان الدخل لا يفي بالخرج وخيف من ذلك وقوع هرج ومرج فبحسن التدبير يتصرف الملك الخبير وبكفاية الوزير وتوفير المشير يجل الحقير ويكثر النزر اليسيركما قيل:
قليل المال تصلحه فيبقى ... ولا يبقى الكثير مع الفساد
وبالخلق الحس وحسن السياسة تملك رقاب أولي الرياسة فضلاً عن العوام وهذا بحسب المقام ولا يتصور أن مجرد المال هو شبكة صيد الرجال فان حفظ الممالك هو وراء ذلك وقد قال رسول خلاقكم أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم وشيء يحتاج تحصيله والانقطاع إلى وصوله إلى بذل أموال وأرواح وكد نفوس وأشباح وأتعاب خيل ورجال وارتكاب شدائد وأهوال وبعد حصوله يتكلف في محافظته وحراسته وملاحظته إلى تحمل هموم وغموم وكلامه وكلوم وآخر الأمر يخرج من اليد ولا يبقى إلا النكد والكد فتزول في الدنيا اللذات معاناة الكدورات وتجرع الغصص والمشقات وتبقى في الآخرة التبعات لجدير بان لا يلتفت إليه ولا يعول عليه ولا يهتم له بشان ويستغني عنه وأن احتج إليه بقدر الإمكان والأفمثل الذي يعلق به فؤاده ويربط بدوامه وبقائه اعتقاده ويتصور ذلك بفكره الفاسد ونظره الكاسد كمثل كسرى لما مات ولده وتفتنت عليه كبده وحصل له عليه الاضطراب ورده عن خطئه الهلول إلى الصواب فسأل أبو الحجاج أخاه المحجاج عن بيان هذا الأمر وكيفية إطفاء هذا الجمر