الأصدقاء والأحباب فلو خالف المرسوم هذا الكلب لما قابله الملك إلا بالقتل والصلب قال لعل هذا المشوم لم يبلغه المرسوم ثم ولى هارباً وقصد للخلاص جانباً (وإنما أوردت) يا نفيس هذا المثال لتقييس أحوال من دان لك من هذا الحيوان ولا تشقها بعصا واحدة واحسب حال كل واحد على حده فربما يكون في هذه البهائم من لا هو بأحوال الصلح عالم ولم تبلغه الدعوة وإنما انضاف بسبب رجوه أو آمن على سبيل التبعية والتقليد ولم يطلع على موارد الوعد والوعيد ولا وقف على ما وقع من الأتفاق ولا يثبت لمصادمة اللقاء وقت التلاق فيصدر منكم حركة تؤدي إلى قلة بركة وتستطرد إلى نفرة جفول فيدهمنا هدم ما أسسناه على غفول ويقع من الفساد ما لا يمكن تلافيه ويضيع نقود جواهر جهدنا وكدنا فيه وإذا كانت الدنيا محل العوارض والغالب أنه عند مشارفة المقصود يحصل العارض والعاقل لا يغفل عن هذا الخطر فعند صفو الليالي يحدث الكدر وقد كفاك من ناداك بقوله:

إذا قربت يداك إلى مرام ... وقلت تخولت نفسي مناها

فلا تأمن من الدهر اختلاسا ... بحول فمكره في ذاتنا هي

كجان لم يصبه الشوك إلا ... وقد وصلت يداه إلى جناها

فالرأي السديد يا أبا سعيد يقتضي أن تمضي الحمامة المطوقة إلى تلك الجموع المفرقة وتنادي في كل نادي بين الحاضر والبادي والرائح والغادي بحقائق الأمور وتطيب خاطر الجمهور وما هم قادمون عليه ومن هو الواصلون إليه ليعلموا أنهم في صفقتهم رابحون وأنهم على هدى من ربهم وانهم مفلحون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015