ثم قال الوزير أن هذا الملك الكبير مقاصده العظيمة أن تكون الأمور مستقيمة وأن يصلح العباد والبلاد ويطمئن المستفيد والمستفاد فاحتفظ أيها السفير المنير الضمير بما سمعت ورأيت وشاهدت ووعيت واجعله من عنوان أنبائك ومقدمات أفعالك وآرائك وأبلغه من يحفك من أمامك وورائك ومهما وصلت إليه قدرتك وأحاطت به يدك وكلمتك من إبلاغ الخير إلى مسامع الوحش والطير عن هذا الملك وأوصافه وتطلعه إلى مراقي السير والإحسان واستشرافه وما تسكن به الخواطر وتطمئن به الضمائر وتقر به العيون بالسرور وتستقر به القلوب في الصدور فلا تأل فيه جهداً وأوسع فيه جداً ولا تنه في إنهائه حداً فان المجال واسع وميدان المقال شاسع وقد أذن لك فيه وأن أخفيته في نفسك فالله مبديه ثم كتب له بذلك مراسيم عن ثغر الأماني
مباسيم وأفيض عليه خلع الكرامة وأضيف إليه الحمامة ورجع إلى أهله مغموراً بفضله مسروراً بقوله مشكوراً بفعله فائزاً بالمطلوب ظافراً بكل مرغوب فارغ البال طيب الحال فاتصل بأهله في دياره وهم في انتظاره فبادروا بالسلام وقابلوه بالاستلام وقالوا ما وراءك يا عصام فبلغ الجواب بارشق عبارة وأليق خطاب وذكر لهم ما رأى وسمع ووعى فانتشرت هذه الأخبار حتى ملأت الأقطار وتسامع بها وحوش القفار وفاح بطيب نشرها الأزهار فكان جميع البر معطار ثم اجتمع رؤساء الوحوش والبهائم رعرفاء الصوادح والبواغم وكل ساكن في القفار من سائم وحائم وأرسل كل إلى أمته رسوله يدعوها إلى ما يحصل سولها وسوله فلبت كل أمة دعوة رسولها وأقبلت