فقال بلغني أن الزوج الخاطب غير طالب ولا راغب وإذا كان كذلك فلا بغني الغناء إلا العناء ولا يؤثر في القلوب والأسماع بل تنغر عند سماعه الطباع فكل شيء لا يصدر عن رغبة القلب فان أيجابه لا يفيد إلا السلب فيضحك على القائم والقاعد ويسخر مني الصادر والوارد ويروح تغزلي في البارد وإنما ذكرت ذلك لأعراض على آراء المالك أنه إذا أولج أمر الرعية إلى أحد من الخاصكية ينظر إلى شفقته ويسير وفور مرحمته ثم يوليه عليهم ويتقدم بالطاعة إليهم فيستقيم إذ ذاك فعلهم وفعله ويظهر في حركاته وسكناته عدله وليس العدل في القضايا تساويها ولا إجراؤها على نسق واحد يحويها بل معرفة مقاديرها وبيان تقريرها في المبادي وتحريرها ثم أجراؤها على مقتضى مدلولها ورد فروع كل مسئلة إلى أصولها ووضع الأشياء في محلها وإيصال الحقوق إلى أهلها ومعرفة منازل أربابها وأوضاع أصحابها ومراتب طلابها فمن لم يحقق هذه الأمور أضاع مصالح الجمهور فأعطى غير المحق ما لا يستحق ومنع الحق عن المستحق وقد قيل يا أبا السعود أن حقيقة الجود إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي وإلا كان كالباذر في السباخ وأشبه في أمره أجير الطباخ الذي لم يعرف معنى العدل فقصده فوقع في الجدل فسأل الغزال شيخ الأوعال عن هذا المثال (فقال) كان عند بعض الأشياخ من الطباخين أجير طباخ له رغبة منهمه على معرفة طبخ الأطعمة وكيفية ترتيبها وصنعة تركيبها