الجوع ماضي الضرم يحمله صاحبه ما لا يطيقه ويقطع عنه قوته وعليقه يؤذيه ولا يداويه ولا يداريه فطلب مالكه وعتبة ثم زخره وضربه ثم أمر بالنداء في الأسواق وامتد ذلك حتى بلغ الآفاق وعم الضواحي والرزداق أن يسلك بما ملكت اليمين الإرفاق ولا يفتر عليها في الأنفاق وكل من عنده دابة قد استعلمها في صباها واستوفى في خدمته قواها يراعي حقوقها إذا كبرت ولا يضيع ما قدمت بما أخرت وصك وجهذلك الرجل صكا وكتب عليه بفرض حماره صكا (وإنما ذكرت) هذا المثال في معرض ما يقال من أن عدل السلطان خير من خصب الزمان وأيضاً فان قصد الملك إذا كان صالحاً كان أمره في جميع الأزمان ناجحاً وسخر الله له من يرشده إلى قصده ويعينه على أمور شعائره ويحيي ذكره من بعده وتدر على يده سحائب البركات ويجري منها على غير قصده أبحر الخيرات وحفظ كل من إليه ينتسب ورزقه كل ذلك من حيث لا يحتسب وحاصل هذه المقدمة أن المسؤل من الصدقات المعظمة انه إذا ترامى على أبواب عدلها شاكي أو تعلق بأسباب معدلتها متظلم باكي تتصدى هي بنفسها لكشف ظلامته ولا تترك الغير في فصلها لإقامته وأن الفقير من جماعتنا والضعيف من أهل طاعتنا إذا مست الحاجة به إلى بث شكوى أو رفع بلوى يتقدم إلى شكواه بلا واسطه ليأمن في أمره المغالطة ويصادف مقسطه لاقاسطه ويتساوى في كل من مشرب العدل والأنصاف ومراعي الفضل والألطاف الظباء والأسود والذئب والعتود والعقاب والعصفور والحمام والصقور ولا يتقدم في الدعاوي من حيث التساوي الوجيه على الجاهل ولا
النبيه على الخامل ولا الكبير على الصغير ولا الجليل على الحقير