فاستصوبوا هذا الرأي واسترضوه واستعذبوا لطيف معناه واستحسنوه وانتدبوا لهذا الأمر الخطير من يصلح أن يكون عند الملوك السفير فوجدوا ظبياً طيب العناصر قد عقدت على غزارة فضله الخناصر من أعقل الجماعة وأذكاها وأحسنها رأياً وأدهاها فقلدوه الزعامة وأرسلوه مع الحمامة على أن يجتمع بالملك يسار ويعاهده على ما يقع عليه الاختيار ثم يسمع أقواله ويشاهد أفعاله ويميز أحواله ثم يرد عليهمالجواب فيميزوا ما فيه من خطا وصواب فيبينوا عليه ويرجعوا إليه فتوجه الظبي والحمامة مستصحبين الأمن السلامة فلما قربت الديار سبقت الحمامة إلى خدمة الملك يسار وأخبرته بصورة الأخبار وأن الظبي في العقب مقبل بما يحبه الملك ويجب فأمر الملك الوزير أن يتلقى الظبي الغرير مع جمع الطير الكثير فتقدم الوزير وقال أسأل مولانا الملك المفضال أن صدر من هذا القاصد خطاب أن يشار إلى برد الجواب فان ذلك أعلى للحرمة وأدنى للحشمة وأقوى لناموس الملك والرياسة وأزهى لطاوس البسوق والسياسة فان كان ذلك الجواب متحلياً جيده بعقود الصواب كانت سعادة الملك الملهمة وفي خدم الملك من تصدى للأمر وأبرمه فان خرج عن طريق الجادة فلا ينسب إلى الملك تلك المادة بل يتلقاه الملك بكرسه ويكون الخطأ منسوباً إلى خدمه فأجابه إلى ما سأل وتقدم الوزير للملاقاة مع سائر الخول فتلقوا الظبي بالترحاب وفتحوا في وجهه للكرامة أوسع باب ومشوا معه حتى وصل إلى الحضرة وشاهد تلك الحشمة والنضرة فقبل الأرض ووقف وعرف مقدار الملك وأعترف وأدى الرسالة وبين للملك ما فيها من رقة وجلاله فقابله الملك بما يليق بحشمته وأجلسه بالقرب من حضرته وخاطبه بما أذهب دهشته وآنسه بملاطفات جلت وحشته وسأله عمن خلف وراءه واستقصى في التفحص أحواله وأنباءه فبلغ عبوديتهم وطاعتهم وأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015