ألف رأس وأن حصل من النتاج المعهود ما يزيد على هذا القدر المعدود تصدق به أو باعه أو وهبه لبعض الجماعة ولو أراد لجعلها ألوفاً مؤلفة وأضعافاً مضاعفة وكان في الجيران والأصحاب والأخوان من هو أقل منه مالاً واقصر باعاً وأضيق مجالاً له الألوف من المواشي وكذلك من الخدام والحواشي وهم في كل وقت في ازدياد وتضاعف الأعداد من الأصول والأولاد ومخدومي لا يقصد الزيادة وأن زاد شيء أباده فقال له الراعي وكان عليها أشفق ساعييا مخدوم ما لك لا تريد أن تزيد مواشيك وحواشيك وتكثر بالرفق والرفد فواشيك وبالورد والإصدار غواشيك فان المواشي تزداد فوائدها وتتوفر عوائدها باعتبار زيادة أصولها وإدرار منافعها ومحصولها وجيراننا كانوا أقل عدداً من هذا المقدار فصاروا بالتوفير أكثر عدداً في الأغنام والأبقار فزادوا على مواشينا بعد أن كان أوساطهم كحواشينا ولا أعرف لهذا موجباً ولا أدري له سبباً غير الإهمال وقصد تضييع المال فقال له مخدومي هذا محيط به معلومي ولكن أيها الولد أعلم أن أنواع العدد آحاد وعشرات وألوف ومئات فألوف غاية الأعداد إذا اعتبرنا التعداد والشيء إذا جاوزنا غايته وتعدى نهايته أخذ في النقص وإذا بلغ مداه تراجع بالنكص وقد قيل الشيء إذا جاوز حده شاكل ضده ومن لم يقنع بالقليل لم يرض بالجزيل ولقد أحسن المقال وصدق فيما قال من قال:
وما الدهر إلا سلم فبقدر ما ... يكون صعود المرء فيه هبوطه
وهيهات ما فيه يزول وإنما ... شروط الذي يرقى إليه سقوطه
فمن كان أعلى كان أوفى تهشماً ... وفاء بما قامت عليه شروطه
وكثيراً ما رأيت وسمعت ووعيت عن أصحاب الألوف القاصدين