قال يسار أعلم يا خير سار أن حبال الآمال ومطامع الخيال ما لم تتعلق بمأمول ترتبط بأطراف سول فالنفس ساكنه

والروح مطمئنة هادنه والقلب فرح والخاطر منشرح إذا الطمع ذل وشين والياس إحدى الراحتين ومتى تعلقت بذيل المطامع مخاليب الآمال وبلغت إلى حصول ما مول الخيال. وقامت النفس في تحصيله وتحركت الجوارح لنيل ما موله وانبعثت الهمة إلى إدراكه وتعلق القلب بسير أفلاكه توزعت الأفكار وتفرقت وتمزقت الخواطر وتمزقت وركب لذلك كل صعب وذلول وتقاذفت النفس في كل مخوف ومهول وتقلدت بحمائل قول القائل:

إذا لم يكن عون من الله للفتى ... فأول ما يجني عليه اجتهاده

ثم إذا لم يحصل المأمول ولم تبلغ والعياذ بالله النفس السول مع بذل هذا الجهد والمبالغة في السعي والكد ومقاساة التعب ومعاناة النصب ترادف النكد وتضاعف السهد وصارت النفس لهذا البدد وكان في جيد حياتها من فوات المقصود حبل من مسد فلا تزال بين تشويش شمائر وتقسيم خاطر وفكر غائب وهم حاضر وهذا الأمر الذي عرضت عليه وهممت بالترقي إلى الوصول إليه إلى عدم الحصول أقرب منه إلى الوصول وأنا أخاف وذا غير خاف أن يغرنا الطمع في هذه الحركة فينتزع من فراغ أوقاتنا البركة ولا نحصل إلا على مثل ما حصل لمالك الحزين من السمكة قال الزنيم نبئني أيها العليم بذلك المثل القويم (قال) بلغني أنه كان في مكان مكين ماوي لمالك وفي ذلك المكان غياض وغدران تضاهي رياض الجنان:

حكى بأنها قد الحبيب تمايلاً ... فجن وفي هذا الجنون تفننا

فدار عليه النهر وهو مسلسل ... فقيده إذ قد جتى وتجننا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015