(قال) الشيخ أبو المحاسن من ماء معارفه غير آسن ومن لممدود أرض الفضل من فضائله رواس وفي مشحون بحر العلم من فواضله مواس فابتهج الملك بهذا الكلام وارتاح لما تضمنه من الحكم والأحكام واستزاد أخاه من عقود هذا النظام فقبل الأرض في مقام الخدام وقال بلغني يا ملك الأنام إن راعياً كان يرعى ثلة من الأغنام وحميلة من المعز الجسام وفي ماشيته تيس مطاع كلها له أتباع وهو قديمها وقائدها وزعيمها وأبو نتاجها وحمو نعاجها وأصله من الشرق لم يكن بينه وبين ابليس في الشيطنة فرق اسمه الذميم التيس الزنيم وكان بواسطة الفحول والكبر والتقدم في الحضر والسفر يستطيل ويصول وينطح الكباش والوعول ويكسر أصحاب القرون من الفحول فيجرح ضعيفها ويطرح نحيفها ويضرب بخالصها لفيفها إلى أن أباد أعيانها وأعجز رعيانها وطال منه العقوق فذهب به الراعي إلى السوق ليبيعه ويستريح ويخلص الماشية من شره ويريح فبينما هو يطوف إذا برجل مهول مخوف طويل القامة كبير الهامة كأنه زبنى القيامة شثن اليدين أزرق العينين أسود الخفين بثوب وسخ وطرطور سنخ وسطه محزوم بسير مبزوم فصادف الراعي وهو في السوق ساعي فمد يده إلى التيس وقال بكم هذا يا أبا الكيس فوقع بينهما الاتفاق ووقع الزنيم في شبكة الرباق فتأمل شكل القصاب وصورته القاضية بالعجاب فرأى رجلاً كأنه من الشياطين معلقاً في وسطه عدة سكاكين فدخله الرعب ورجف من الرهب وأدرك بالفراسة أنه سيهلكه ويحذف رأسه وقال ظني والظن يخيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015