الرجال فما انتهى به السير إلا وقد مات غالب تلك الطير فوصل إلى حضرة ملك الخطا واشتهر في المملكة أن النديم الفلاني أتى فاجتمع الناس لينظروا وأمر الملك للخاص والعام فحضروا وأحضروا النعام في ذلك المحفل العام وطرح لها الحديد المحمي فخطفته والجمر والحصى فالتقفته فتعجب الناس لذلك وسبحوا لله مالك الممالك وعلم الصغار والكبار أنه يخلق ما يشاء ويختارفشمله الملك بمزيد الإنعام واعتذر إليه عما مضى من ملام وزادت رفعته ونفذت كلمته إذ قد أثبت مدعاه وحقق بشاهد الحس معنى ما ادعاه ففي بعض الأوقات تذاكروا ما فات وانجر بهم الكلام ما مر من حديث النعام فقال النديم أيها الملك الكريم إني تكلفت على هذه الأطيار كذا وكذا ألف دينار وقاسيت من المشقة في الأسفار وعاينت من شدائد الأخطار ما لا تقاسيه عيدان النار واستمريت في هذا العذاب الأليم المهين وفي سجن المشاق سنين حتى بلغت تحقيق مرامي وتصديق كلامي ولولا عناية مولانا السلطان لما ساعدني على مقصودي الزمان ولما زال عني اسم الكذاب إلى يوم الحساب فتبسم السلطان وقال لقد أتيت بمحاسن وما قصرت ولكن كما يحتاج في إثبات تصديقها والخروج عن عهدة تحقيقها إلى صرف المال الجزيل وتجشم مشقة السفر العريض الطويل وتحمل منن الرجال وركوب الأخطار والأهوال وإزعاج الروح والبدن وإضاعة جانب كبير من العمر والزمن لأي معنى يتفوه بها العاقل ولماذا ينطق بها مستمع أو ناقل (وإنما أوردت) هذا المقول ليعلم أرباب المعقول من جلساء الملوك والعظماء ورؤساء الأمراء والزعماء خصوصاً خواص القدماء وعوام الندماء أن شيا يحتاج فيع إلى تعب النفس وقيد ونكال وحبس ثم استعمال ممن جماعة وأصحاب يتقدمون إلى الشفاعة لا ينبغي للعاقل أن يحوم حوله ولا يعقد أبداً عليه فعله وقوله