وإذا تولى الجد يحتاج الذكي ... في رأيه قبل الزوال مراحاً

وانقلاب الدهر وانعكاس الزمان شيمة معهودة وخصلة معدودة كما قيل:

ومن ذا الذي ما غره صرف دهره ... فأضحكه يوماً ولم يبكه سنه

وأنا كنت غافلاً وإن لم أكن جاهلاً وقد يكون الشخص عما تحققه ذاهلاً وذلك لما كان عودني الزمان وألفته من سالف الدوران وإرخاء العنان ونيل الأماني والأمان وأسبال ذيل النعم والإحسان الدائم والكرم فمشيت على ما كنت أعهده وفي نفسي أجده وأيضاً كانت لذة عشرتك ونعيم صحبتك وحسن موافقتك وعز مرافقتك أنساني كل بليه وأمنت بذلك كل رزية فألهاني عن التنكد ودهتني غفلة عن التوزع والتبدد مثل ما أصاب ذلك الهدهد قال أخو نهشل أسرد ذلك المثل (فقال) ذكروا إن الله مجري الخير علم بعض عبيده الصلحا منطق الطير فصاحب منها هدهداً وازداد ما بينهما تودداً ففي بعض الأيام مر بالهدهد ذلك الإمام وهو في مكان عال ملتفت إلى ناحية الشمال وهو مشغول بالتسبيح يسبح الله بلسانه الفصيح فناداه يا صاحب التاج والقباء والديباج لا تقعد في هذا المكان فإنه طريق كل فتان ومطروق كل صائد شيطان ومقعد أرباب البنادق ومرصد أصحاب الجلاهق فقال الهدهد أني عرفت ذلك وإنه مسلك المهالك قال فلأي شيء عزمت على القعود فيه مع علمك بما فيه من دواهيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015