لرد جواب الشياطين القباح فتفرقوا وقد أحاط بالعفريت لوهم ونفذ في أحشائه من سهام الذل أقطع سهم وبات لا يقر له قرار ولا يأخذه اصطبار وساوره الافتكار وثاوره الهم والدمار والغم والبوار:
إلى أن أضاء الصبح كالحق مقبلاً ... وولى ظلام الليل كالجهل مدبراً
فاجتمع من كان بالأمس حاضراً ومن سمع بحضورهم ولم يكن ناظراً من جموع الأنس والجن وطوائف الجن والبن وأخذ كل مقامه وابتدأ العفريت كلامه وقال ما منبع الصفات الحميدة والشمائل السعيدة المار ذكرها القار أمرها وهي يا هذا نتيجة ماذا؟ فقال العالم المحقق العامل المدقق هي ثمرة العقل القويم الهادي إلى الصراط المستقيم. ويكفي العقل الشريف أنه مناط التكليف له الله يخاطب وبه يثيب ويعاقب وبه يأخذ وبه يعطي وتابعه يصيب ولا يخطي وكلما كان العقل أتم كانت محاسن الأخلاق أعم وكلما كان رأي العقل أصوب كان في اقتناء مكارم الأخلاق أرغب قال العفريت: فهل هو نوع متحد أو طريقة متعدد؟ قال الشيخ: العقل نوعان وحكمه واحد لا يختلف فيه اثنان أحدهما العقل الغريزي اللطيف، وهو مناط التكليف يحدثه الرحمن ويتدرج إلى بلوغ الإنسان فيكمل أما بالسن أو الاحتلام، ويجري عليه إذ ذاك قلم الأحكام ويدخل في حيز المخاطبين من ذوي الأحلام ويترتب عليه الحساب والعقاب من الحلال والحرام والثاني يحصل بالاكتساب والتجربة في كل باب ولهذا