العارفة الفاهمة بها يتكلم الإنسان وتبصر العينان وتسمع الإذنان وتبطش اليدان وتمشي الرجلان وهي المخاطبة والمعاتبة والمثابة المعاقبة والمطلوبة والمطالبة ويطلق عليها لفظ القلب تارة ولفظ القلب تارة ولفظ الروح أخرى ويقال لها النفس مرة ولفظ العقل أيضاً وابن آدم هو المخصوص بهذه الكرامات
وبهذه النفس دون سائر الحيوانات وإن كان يطلق على الجميع إن لها نفساً بالاشتراك لكن هذه النفس الناطقة والنطق هو الإدراك واختلف أيضاً وتحيرت الألباب في صنع رب الأرباب وتاهت الأفكار والفطن في كيفية تعلقها بالبدن ولا يحصل لأحد على هذا وقف إلا بطريق الولاية والكشف وهذه النفس لما كثرت صفاتها وتضادت نعوتها تخالفت أوصافها وازداد في صفاتها اختلافها حتى قسموها فقالوا أنواعها ثلاثة ناطقة وشهوانية وغضبية رضية فالناطقة مسكنها الدماغ ولها مساغ والكبد مسكن الشهوانية والقلب مسكن الغضبية الرضية فأية نفس غلبت أختيها جذبت أحوالهما وصفاتهما إليها، وهذه يا أتعس زوبعة كالعناصر الأربعة فإنها إذا فسد مزاجها وعدل عن الاعتدال ازدواجها عسر علاجها واستحال إلى المطلوب الطالب وعجز عن المعالجة الطابب ففسد البيان وانهدمت الأركان وقيل هما روح ونفس بغير لبس وهما ضدان بل ندان لا يجتمعان ولا يرتفعان وطبع النفس باللئيم طبعك طبع الشيطان الرجيم كالنار في جوهرها وخاصة عنصرها تنسب إليها الصفات الذميمة والخلال غير المستقيمة كالجهل والغضب والحدة والصخب واللؤم والسفه والطيش والشره والحمية والشهوة والقسوة