إلى المعارف الإلهية وما به نظام المعاش ونجاة المعاد وليس لنا دليل في العلم والتعريف سوى طريقتين مرشدتين إلى التوقيف على أمور المبدأ والمعاد وما بينهما في دار التكليف إحداهما ما جبلنا عليه وما اكتسبناه من العقل وثانيتهما ما بلغنا من الأخبار الصحيحة والنقل فالعقل لا يدخل في إثبات المعارف الإلهية ولا في هذا الباب المقدم من الأمور المعاشية والمعادية وهو حجة الله القاطعة البالغة وأصل براهينه الساطعة الدامغة وبواسطته استعبد عباده الكملة وإلى من خصه به أرسل رسله ثم العقل جوز إرسال الرسل ولا يرد ما تقوى به لتوضيح السبل والنقل لا يأتي بما يناقض العقل وإنما يرد بما يزكي قضاياه وبصقل مرائي أحكامه أحسن صقل ونظير ما حصل للعقل بالشرع من الاستئناس ما حصل للكتاب من معاضدة السنة والإجماع والقياس ولو ورد المنقول بما يناقض المعقول لأشبه فرعاً يوجد ماله من أصول إذا أقبلت مواكب الأوامر الإلهية على لسان الرسول خضعت جماجم العقول منقادة بزمام الانقياد والقبول سامعة لما يرد منها مطيعة لما يصدر عنها فتارة يظهر للعقل ما للأوامر الشرعية من الحكم كنار على علم وتارة يعجز عن الإطلاع على ما تضمنته الأحكام النقلية من الحكم فإذا ورد الشرع بحكم وكان للعقل في حكمته إدراك آثره وأكده واستمسك به في تصرفاته أقوى استمساك وإن لم يكن له في إدراكه مدخل نادي بلسان العجز والتسليم سبحان من لا يسئل عما يفعل والحاصل أن سلطان العقول في ممالك خليفة الشرع وولايته معزول ومن جملة ما ورد على لسان السمع على لسان عدوك صاحب الشرع الصادق في المقال مما ليس للعقل فيه مجال أحوال المعاد ومبدؤها ما يطرأ على العباد في حد هذا الكون من الفساد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015