وإنما أوردت ما جرى لتعلموا أيها الوزرا أن التفخيذ بين الأعداء بالتأخيذ أمر من السهام في تنفيذ الأحكام وأحكام التنفيذ وهذا قبل تعاطي أسباب البيلسة وفتح أبواب الوسوسةفانه يقال في الأمثال عقدة تنحل باللسان لا يؤخر حلها إلى الأسنان ما أرشد من أنشد:
فكم عقدة أغنى اللسان بحلها ... تراخت وقد أعيت نواجذ أسنان
(ثم قال العفريت) للوزير الرابع ما ترى في هذا الأمر الواقع فقال حيث تردد الأمرين آراء مختلفة وأقوال متفاوتة غير مؤتلفة وأقيم على كل قتيل برهان ودليل فنعدد النقل وتبلد العقل وعميت وجوه الترجيح ودرست طرق التصحيح فلا يمكن القول بأحدها ولا الميل إلى مفردها فإن ذلك ترجيح بلا مرجح وتصحيح بلا مصحح فربما يتصور الشيء خيراً وتكون عقباه شراً ويتوهم شراً فتظهر قصاراه خيراً وقد قال منزل الفرقان على أشرف جنس الإنسان وعسى أن تكرهوا شيءً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم وكم من قضية يتصورها الفكر صواباً ويذهل عما تتضمنه من خطا مآبا وكذلك النفس تتصور شيء بصفة وهو بالعكس ولذلك شاهد من وقائع الحس فليس على ذلك معول وشاهده قضية المضيف وع ولده الأحوال فقال العفريت وكيف ذلك أيها الخريت (قال الوزير) أخبرني شخص فاضل أنه كان رجل كامل كريم الشمائل محبوب الخصائل مرغوب الفضائل غزير الثراء يحب الفقراء عذب الموارد مترصد للصادر والوارد لا يسال الضيف من أين ولا كيف وهو كما قيل للضيف والسيف ورحلة الرجال في الشتاء والصيف فنزل في بعض الأيام ضيف من أصحابه الكرام فزاد في إكرامه وأحضر ما طاب من طعامه