سما لقتلهما وأما هما فعلى قلته عزما واستعدا لذلك بعد ما حزما ليصير المال بينهما نصفين ويصيرا في ذلك كالأخوين الألفين ويكون ذلك كأنه وراثة لأن شر الرفقاء ثلاثة ولم يدعهما إلى ذلك غير داعي الشهوة وأكد ذلك داعي الحرص وأبخس بها من دعوه فلما فصل ذلك بالأكل بادرا إليه بالقتل ثم بعدما قتلاه عمدا إلى الطعام فأكلاه، فبردا في الحال وتركا ذلك المال، ولحقا بصاحبهما التالف وسيبا تليد المال والطارف وإنما أوردت هذه الموعظة لأنها على أحوال الدهر موقظة، وإن كان مولانا الخاقان في أموره يقظان لكن قد قال رب العالمين وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
واعلم يا مولانا الخاقان كفاك الله مكايد الشيطان وأنجح مقاصدك على ممر الزمان أن الدرجة العلية والمرتبة السنية لا تنال بقوة ولا عزمه ولا شجاعة ولا همه وإنما هي عناية ربانية وأسرار رحمانية لأقوام سبقت لهم من الله وزيادة وانتظموا في سلك أهل السعادة فهم أهل الفضل والسيادة أسبغ الله عليهم سواطع الأنوار وقطعهم عن قواطع الأشرار فهم السادة الأخيار والقادة الأبرار قاموا بأداء ما وجب عليهم وتركوا ما خلفهم واستبشروا بما لديهم فأنوارهم ساطعة وأسرارهم لجميع الأوهام قاطعة تركوا زخارف هذه الداروأرادوا دار القرار وجوار الملك الغفار فهم الهداة إلى الله الدالون على الله لا يعتريهم كدر الأوهام ولا يشتغلون عن خدمة خالقهم مدى الأيام هم العباد المكرمون، العباد المقربون، قال الله تعالى وهو أصدق القائلين في كتابه المكنون:
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون.