فلما سمع الصاحب اللبق هذا الكلام القلق تضجر وتضرر وتنكد وتضور وقال يا أخي بيتي عتيق مع أنه حجر مضيق لا يسع أولادي ولا زادي وعتادي وإذا ضاق عن الأحياء فكيف بالأموات وهذه بلية من أوحش البليات وأظنها لا تخفى على الناس ويدركها أولو الفراسة والأغبياء فضلاً عن الأكياس لأن قضاياكم قبل اليوم مشهورة وبلغني أن عداوتكم قديمة مذكورة وفي التواريخ وصدور الكتب مسطورة ولكم وقعات ونوازل وله أيتام كأنهم
الزغب الجوازل وأما أنا فلا يمكنني الدخول فيها ولا تعاطيها بوجه من الوجوه ولا تلافيها فاكفني شر ضيرها واندبني إلى غيرها وأني أكتم سرها فلا تخف من جهتي شرها فالح عليه فما أقاد ورده غير ظافر بما أراد فلما أيس منه تركه وانتقل عنه ودار على سائر أصحابه وذكر لهم مثل الأول وخطابه فكان جواب الجميع مثل جوابه إلى أن أتى على الجميع واستوفى شريفهم والوضيع ورأى ما هم عليه من طبع بديع كأنهم كانوا متواردين على شرب هذا الصنيع فعاد إلى دار أبيه ورجع إلى صحة بيسان التنبيه فقال له بمدير الفلك أحققت صدق ما قلت لك وتبيات ما هية أصدقائك وحقيقة أوليائك وأنهم نقش حيطان ورقش غيطان وغمام بلا مطر وأكمام بلا زهر وأجام بلا ثمر