وأبقى السلطان محمد النظام الذي كان سائداً لحكم الولايات أيام أسلافه، وأدخل عليه بعض التعديلات الطفيفة التي تناسب عصره ودولته. وكانت الدولة تنقسم إلى ولايات كبرى يحكمها أمير الأمراء وكان يسمى " بكلربك " وإلى ولايات صغرى ويحكمها أمير اللواء، وكان يسمى " سنجق بك " وكلا الحاكمان كان يقوم بأعمال مدنية وعسكرية في آن واحد، وترك لبعض الإمارات الصقلبية في أول الأمر بعض مظاهر الاستقلال الداخلي فكان يحكمها بعض أمراء منها ولكنهم تابعون للدولة ينفذون أوامر السلطان بكل دقة وهو يعزلهم ويعاقبهم اذا خالفوا أوامره أو فكروا في الثورة على الحكومة العثمانية.
وعندما تعلن الدولة الجهاد وتدعوا أمراء الولايات وأمراء الالوية، كان عليهم أن يلبوا الدعوة ويشتركوا في الحرب بفرسان يجهزونهم تجهيزاً تاماً، وذلك حسب نسب مبينة، فكانوا يجهزون فارساً كامل السلاح قادراً على القتال عن كل خمسة آلاف آقجه من إيراد اقطاعه، فإذا كان إيراد اقطاعه خمسمائة ألف آقجة مثلاً كان عليه أن يشترك بمائة فارس، وكان جنود الإيالات مؤلفة من مشاه وفرسان، وكان المشاة تحت قيادة وإدارة باشوات الإيالات وبكوات الالوية (?).
وقام محمد الفاتح بحركة تطهير واسعة لكل الموظفين القدماء غير الأكفاء وجعل مكانهم الأكفاء، واتخذ الكفاية وحدها أساساً في اختيار رجاله ومعاونيه وولاته. واهتم بالنظام المالي ووضع القواعد المحكمة الصارمة في جباية أموال الدولة وقضى على إهمال الجباة وتلاعبهم مما كان يضيع على الدولة ثروات هائلة.
لقد أظهر السلطان محمد في الناحية الإدارية كفاية ومقدرة لاتقلان عن كفايته ومقدرته في الناحيتين السياسية والحربية (?).
لقد أنشأ الجيش النظامي من زمن السلطان أورخان واهتم من جاء بعده من السلاطين بتطوير الجيش وخصوصاً السلطان محمد الذي أولى الجيش رعاية