بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ الفقيه الإمام العالم العلامة المحقق الولي الصالح سيدي علي النوري الصفاقسي- رضي الله عنه- ونفعنا به وبعلومه آمين: الحمد لله الذي أنزل القرآن وشرفنا بحفظه وتلاوته وتعبدنا بتجويده وتحريره وجعل ذلك من أعظم عبادته، فطوبى لمن أعرض عن كل شاغل يشغله عن تدبره ودراسته مع رعاية آدابه الظاهرة، والباطنة، والقيام بحرمته وجلالته فهو المنهج القويم والصراط المستقيم وشفاء الصدور والهدى والنور والمعتصم الأوقى والعروة الوثقى بحر المعاني والمعارف والعلوم ومعدن الأسرار والحكم والفهوم، كتاب كريم عزيز مجيد لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة الموحدين المستغفرين الحاضرين مع الله في كل حال، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صاحب المعجزة الدائمة والمفاخر التامة والشرف والكمال- صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه- الذين ملأ الله قلوبهم بمعرفته ومحبته فنهضوا لخدمته بالإرشاد والإفادة صلاة وسلاما تبلغنا بهما درجات المحسنين وننتظم معهم في سلك لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ.
وبعد فاعلم جعلني الله وإياك من العصابة الناجية ومنحني وإياك في جميع الأحوال اللطف والعافية أن صرف العناية إلى خدمة كتاب الله من أعظم القرب والسعي الناجح وأحسن ما يدخره المرء ليوم يتبين فيه الخاسر والرابح، وقد روينا في فضائل القرآن وفضل أهله أحاديث كثيرة ولو لم يكن في ذلك إلا ما جاء في الصحيح عن عثمان- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» لكان كافيا، وكان سفيان الثوري يقدم تعلم القرآن على الغزو لهذا الحديث