قال الشيخ أحمد بن خلكان في تاريخه: أخبرني كثير من أصحاب الشاطبي أنه كان كثيرا ما ينشد هذه الأبيات:
أتعرف شيئا في السّماء يطير ... إذا سار صاح النّاس حيث يسير
فتلقاه مركوبا وتلقاه راكبا ... وكلّ أمير يعتليه أسير
يحضّ على التّقوى ويكره قربه ... وتنفر منه النّفس وهو نذير
ولم يستزر عن رغبة في زيارة ... ولكن على رغم المزور يزور
فقلت له هل هي له فقال لا أعلم ثم إني وجدتها في ديوان يحيى الحصكفي الخطيب وهو لغز في نعش الموتى انتهى مختصرا، وإذا قلت شيخنا فالمراد به العلامة المحقق والمدقق الصالح الناصح سيدي محمد بن محمد الأقراني المغربي السوسي نزيل مصر والمتوفى بها رحمه الله تعالى شهيدا بالطاعون أواخر ذي القعدة الحرام سنة إحدى وثمانين وألف، وإذا قلت المحقق فأعني به الإمام العلامة محقق هذا العلم بلا نزاع بين العلماء أبا الخير محمد بن الجزري الحافظ رحمه الله، وربما أعتمد في العزو إليه لأنني
تتبعته في كثير من المواضع فوجدته في غاية من الصدق والضبط والإتقان فما لم يوجد في الأصول التي نقلنا منها لا في كلامه فالدرك عليّ ما هو في كلامه دون أصوله فالدرك عليه لا عليّ ولا أظن ذلك يوجد أبدا وبقيت أمور لا تخفى على ذي قريحة صحيحة كرسم حرف القرآن على قراءة نافع وعلى ما يقتضيه الرسم المتفق عليه أو المشهور وإذا قلت اتفقت السبعة ففيه إشعار أن من فوقهم خالفهم، وإذا قلت القراءة أو اتفقوا أو أجمعوا فالسبعة وغيرهم وإنما ذكرت ما ذكرت وإن كان أيضا لا يخفى على أولي الألباب لأني بإبرازه أحرى وخازن الملوك بما في خزائنهم أدرى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
انتهت إلى هنا مقدمة المؤلف، ويليها- بإذن الله تعالى- موضوعات الكتاب وتبدأ، الموضوعات ب (باب الاستعاذة)