وَ [مَنْ] هُوَ مِنْ أَخَصِّ الْخَوَاصِّ، وَكُنْتُ قَدْ عَزَمْتُ عَلَى أَنْ أَذْكُرَ فِي كُلِّ كِتَابٍ وَبَابٍ فُصُولًا، وَأُمَهِّدَ أُصُولًا، ثُمَّ رَأَيْتُ الِاكْتِفَاءَ بِهَذِهِ اللُّمَعِ ; إِذْ وَجَدْتُهَا تُرْشِدُ إِلَى مَسَالِكِ الْكَلَامِ فِي الْأُصُولِ [جُمَعَ] وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا يَسُرُّ الطَّالِبَ إِلَّا التَّنْبِيهَ عَلَى الْأُصُولِ، لَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا.
835 - فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ بَنَيْتُمْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ عَلَى خُلُوِّ أَهْلِ الزَّمَانِ عَنْ ذِكْرِ التَّفَاصِيلِ، وَالَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ مِمَّا يَغْمُضُ عَلَى مُعْظَمِ الْعُلَمَاءِ فِي الدَّهْرِ، فَكَيْفَ يُدْرِكُهُ أَهْلُ زَمَانٍ فَاتَتْهُمْ تَفْرِيعَاتُ الشَّرِيعَةِ وَتَفَاصِيلُهَا؟ فَلَيْسَ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ إِذَنْ، وَالشَّرِيعَةُ مَحْفُوظَةٌ، فَإِذَا دَرَسَتْ فُرُوعُهَا، وَلَمْ يَسْتَقِلَّ النَّاسُ بِهَا، لَمْ يَفْهَمْهَا الْعَوَامُّ، فَهَذَا الْكَلَامُ إِذَنْ لَا يُجْدِي وَلَا يُفِيدُ عَلَى اخْتِلَافِ الزَّمَانِ فِي الذِّكْرِ وَالنِّسْيَانِ؟
836 - قُلْنَا: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ لَيْسَ خَالِيًا عَنْ فَوَائِدَ جَمَّةٍ مَعَ بَقَاءِ الْعُلُومِ بِتَفَاصِيلِ الشَّرِيعَةِ، وَفِيهَا (275) التَّنْبِيهُ عَلَى مَأْخَذِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَمَنْ أَحْكَمَهُ تَفَتَّحَتْ قَرِيحَتُهُ فِي مَبَاحِثِ الْمَعَانِي، وَعَرَفَ الْقَوَاعِدَ