الصُّيُودُ مُبَاحَةٌ، وَلَيْسَ لَهَا نِهَايَةٌ، فَلَوِ اخْتَلَطَ بِهَا صُيُودٌ مَمْلُوكَةٌ، وَالْتَبَسَ الْأَمْرُ، فَمَا مِنْ صَيْدٍ يَقْتَنِصُهُ الْمَرْءُ إِلَّا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ يَدُهُ الصَّيْدَ الْمَمْلُوكَ.
ثُمَّ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الِاصْطِيَادَ لَا يَحْرُمُ، لِأَنَّ مَا حَلَّ مِنَ الصُّيُودِ غَيْرُ مُتَنَاهٍ، وَالْمُخْتَلِطُ بِهِ مَحْصُورٌ مُتَنَاهٍ.
791 - وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَا لَا حَرَجَ فِيهِ، وَلَا حَجْرَ لَا يَتَنَاهَى، وَإِنَّمَا الْمَعْدُودُ الْمَحْدُودُ مَا يَحْرُمُ، فَإِذَا الْتَبَسَ عَلَى بَنِي الزَّمَانِ أَعْيَانُ الْمُحَرَّمَاتِ وَهِيَ مَضْبُوطَةٌ [لَمْ يَحْرُمْ] عَلَيْهِمْ مَالَا يَتَنَاهَى.
792 -[وَأَمَّا] الَّذِي أَضْرِبُهُ مَثَلًا فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، فَأَقُولُ: لَوْ عَلِمَ رَجُلٌ أَنَّ لِإِنْسَانٍ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَالْتَبَسَ عَيْنُ ذَلِكِ الرَّجُلِ عَلَيْهِ الْتِبَاسًا لَا يُتَوَقَّعُ ارْتِفَاعُهُ، فَمَنِ ادَّعَى مِنْ آحَادِ النَّاسِ مَعَ اطِّرَادِ الِالْتِبَاسِ أَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ، لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُدَّعَى (264) عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ شَيْءٌ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ شَيْءٍ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بَارَّةً، إِذْ لَوْ مَنَعْنَاهُ مِنَ الْيَمِينِ، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى النُّكُولِ وَغَرَّمْنَاهُ الْمُدَّعَى، فَقَدْ يَدَّعِي عَلَيْهِ آخَرُ ذَلِكَ الدَّيْنَ.
قَائِلًا: إِنَّ الْأَوَّلَ كَانَ مُبْطِلًا، وَأَنَا