جَمْعِهِمْ عَلَى الْإِجْمَاعِ، فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْإِجْمَاعُ مُشْعِرٌ بِهِ.
وَلَيْسَ قَوْلُ الْمُجْمِعِينَ بِأَعْلَى مَنْصِبًا مِنْ قَوْلِ الْمُصْطَفَى.
وَلَا يَسْتَرِيبُ مُحَصِّلٌ أَنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَسْتَقِلُّ دَلِيلًا، وَلَا يَنْهَضُ بِنَفْسِهِ إِلَى الْحَقِّ سَبِيلًا، وَلَكِنَّ الْمُعْجِزَةَ شَهِدَتْ بِعِصْمَتِهِ، وَصِدْقِ لَهْجَتِهِ فِيمَا يَنْقُلُهُ عَنْ إِلَهِ الْخَلْقِ.
فَالْعُقُولُ وَالنُّهَى قَاضِيَةٌ بِأَنَّ إِلَى اللَّهِ الْمُنْتَهَى، فَأَمْرُهُ الْمُطَاعُ حَقًّا، وَالرُّسُلُ مُبَلِّغُونَ عَنْهُ صِدْقًا، وَالْإِجْمَاعُ مُشْعِرٌ بِحُجَّةٍ تَقْدُمُ الْوِفَاقَ سَبْقًا.
62 - فَلْيَنْظُرِ الْمُوَفَّقُ اللَّبِيبُ إِلَى هَذَا التَّرْتِيبِ الْعَجِيبِ: قَدَّمْنَا وَجْهَ الْإِشْكَالِ، وَضِيقَ الْمَجَالِ فِي صِيغَةِ سُؤَالٍ، ثُمَّ افْتَتَحْنَا فِي إِثْبَاتِ الْإِجْمَاعِ قَاعِدَةً لَمْ نُسْبَقْ إِلَيْهَا، وَلَمْ نُزْحَمْ عَلَيْهَا، ثُمَّ لَمْ نُبْدِ الْمَقْصُودَ دُفْعَةً وَاحِدَةً، هُجُومًا فِي إِثْبَاتِ الْإِجْمَاعِ، بَلْ رَأَيْنَا أَنْ نَجْعَلَ الْمَسَالِكَ إِلَى مَدَارِكِ الْحَقِّ وَظَائِفَ مُتَرَتِّبَةً وَنُجُومًا، وَاشْتَمَلَتِ الْأَسْئِلَةُ الْمُدْرَجَةُ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ عَلَى الِانْتِهَاءِ إِلَى مُعَاصَاتِ الْإِشْكَالِ،