ثُمَّ إِذَا ظَهَرَ مَا ذَكَرْنَاهُ، تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ الشُّبُهَاتُ، فَإِذَا جَازَ أَخْذُ الْكِفَايَةِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، لَمْ يَخْفَ جَوَازُهُ فِي مَظَانِّ الشُّبُهَاتِ.
766 - ثُمَّ تَخْتَصُّ هَذِهِ الْحَالَةُ بِحُكْمٍ: وَهُوَ أَنَّ مَنْ صَادَفَ شَيْئًا فِي يَدِ إِنْسَانٍ، وَهُوَ يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ مِلْكًا، وَمَا عَمَّ التَّحْرِيمُ فِي الزَّمَانِ، فَيَجُوزُ لِلنَّاظِرِ إِلَى مَا فِي يَدِهِ الْأَخْذُ بِكَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَحْرِيمُهُ، وَكَيْفَ لَا وَالْقَاضِي يُجْرِيهِ عَلَى مِلْكِهِ عِنْدَ فَرْضِ النِّزَاعِ، حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ لِمَنْ يَدَّعِيهِ، وَيَزْعُمُ كَوْنَ صَاحِبِ الْيَدِ مُبْطِلًا فِيهِ، وَهَذَا حُكْمُ الْجَوَازِ.
وَلَا يَخْفَى مَأْخَذُ الْوَرَعِ عَلَى مَنْ يَنْتَحِيهِ.
فَهَذَا الْفَصْلُ [الْعَظِيمُ] الْقَدْرِ الَّذِي رَأَيْنَا تَقْدِيمَهُ عَلَى الْخَوْضِ فِي غَرَضِنَا مِنَ الْعَصْرِ الَّذِي يَدْرُسُ فِيهِ الْعِلْمُ بِتَفَاصِيلِ الشَّرِيعَةِ، وَقَدْ عَادَ بِنَا الْكَلَامُ إِلَيْهِ.
767 - فَنَقُولُ: إِذَا عَسِرَ مَدْرَكُ التَّفَاصِيلِ فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ، فَنَتَكَلَّمُ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنَ الْأَجْنَاسِ، ثُمَّ نَتَكَلَّمُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْأَمْلَاكِ (258) ، وَحُقُوقِ النَّاسِ.