فِي غَرَضِ الْمَرْتَبَةِ وَيَتَرَتَّبُ، وَيَجْرِي مَجْرَى الْأُسِّ وَالْقَاعِدَةِ، وَالْمَلَاذِ الْمَتْبُوعِ، الَّذِي إِلَيْهِ الرُّجُوعُ. فَنَقُولُ:
639 - لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ شَدَا طَرَفًا مِنَ التَّحْقِيقِ أَنَّ مَآخِذَ الشَّرِيعَةِ مَضْبُوطَةٌ مَحْصُورَةٌ، وَقَوَاعِدَهَا مَعْدُودَةٌ مَحْدُودَةٌ ; فَإِنَّ مَرْجِعَهَا إِلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْآيُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْأَحْكَامِ، وَبَيَانِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مَعْلُومَةٌ، وَالْأَخْبَارُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالتَّكَالِيفِ فِي الشَّرِيعَةِ مُتَنَاهِيَةٌ.
640 - وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُفَوَّضْ إِلَى ذَوِي الرَّأْيِ وَالْأَحْلَامِ أَنْ يَفْعَلُوا مَا يَسْتَصْوِبُونَ فَكَمْ مِنْ أَمْرٍ تَقْضِي الْعُقُولُ بِأَنَّهُ الصَّوَابُ فِي حُكْمِ الْإِيَالَةِ وَالسِّيَاسَةِ، وَالشَّرْعُ وَارِدٌ بِتَحْرِيمِهِ.
[وَلَسْنَا] نُنْكِرُ تَعَلُّقَ مَسَائِلِ الشَّرْعِ بِوُجُوهٍ مِنَ الْمَصَالِحِ، وَلَكِنَّهَا مَقْصُورَةٌ عَلَى الْأُصُولِ الْمَحْصُورَةِ، وَلَيْسَتْ ثَابِتَةً عَلَى الِاسْتِرْسَالِ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ الِاسْتِصْلَاحِ، وَمَسَالِكِ الِاسْتِصْوَابِ.
ثُمَّ نَعْلَمُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو وَاقِعَةٌ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُتَعَبِّدِينَ.