َ وَبَقِيَ نَقَلَةُ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ] 611 - فَأَمَّا الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ فِيهِ إِذَا خَلَا الزَّمَانُ عَنِ الْمُفْتِينَ الْبَالِغِينَ مَبْلَغَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَلَكِنْ لَمْ يَعْرَ الدَّهْرُ عَنْ نَقَلَةِ الْمَذَاهِبِ الصَّحِيحَةِ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمَاضِينَ، وَتَكَادُ هَذِهِ الصُّورَةُ تُوَافِقُ هَذَا الزَّمَانَ وَأَهْلَهُ. وَالْوَجْهُ تَقْدِيمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّاقِلِ وَصِفَتِهِ ثُمَّ الْخَوْضُ فِي ذِكْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمُسْتَفْتُونَ فَأَقُولُ:
612 - لَا يَسْتَقِلُّ بِنَقْلِ مَسَائِلِ الْفِقْهِ مَنْ يَعْتَمِدُ الْحِفْظَ، وَلَا يَرْجِعُ إِلَى كَيْسٍ وَفِطْنَةٍ وَفِقْهٍ (220) طَبْعٌ ; فَإِنَّ [تَصْوِيرَ] مَسَائِلِهَا أَوَّلًا، وَإِيرَادَ صُوَرِهَا عَلَى وُجُوهِهَا لَا يَقُومُ بِهَا إِلَّا فَقِيهٌ.
ثُمَّ نَقْلُ الْمَذَاهِبِ بَعْدَ اسْتِتْمَامِ التَّصْوِيرِ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا مِنْ مَرْمُوقٍ فِي الْفِقْهِ خَبِيرٍ، فَلَا يَنْزِلُ نَقْلُ مَسَائِلِ الْفِقْهِ مَنْزِلَةَ نَقْلِ الْأَخْبَارِ وَالْأَقَاصِيصِ وَالْآثَارِ.
وَإِنْ فُرِضَ النَّقْلُ فِي الْجَلِيَّاتِ [مِنْ وَاثِقٍ بِحِفْظِهِ مَوْثُوقٍ بِهِ فِي أَمَانَتِهِ، لَمْ يُمْكِنْ فَرْضُ نَقْلِ الْخَفِيَّاتِ] مِنْ غَيْرِ اسْتِقْلَالٍ بِالدِّرَايَةِ.
613 - فَإِذَا وَضَحَ مَا حَاوَلْنَاهُ مِنْ صِفَةِ النَّاقِلِ، فَالْقَوْلُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا عَلَى الْمُسْتَفْتِينَ.